إلى نفس الصلاة التي هي مركبة من مقولات متعددة متباينة كالفعل والإضافة ونحوها، وهكذا غيرها من مسائل الفقه المغايرة بعضها مع البعض الاخر موضوعا ومحمولا مع معلومية عدم تصور جامع قريب بينها. وهكذا الكلام في الكلمة والكلام في علم النحو نظرا إلى وضوح تقوم الثاني بنسبة معنوية خارجة عن سنخ القول واللفظ فلا يمكن حينئذ دعوى كون الجامع بينهما هو ما يتلفظ به من اللفظ و القول، مع فرض تقوم الكلام بأمر معنوي خارج عن سنخ اللفظ. وهكذا التصور والتصديق والفصاحة والبلاغة.
وكذا الكلام في علم الأصول فان من البداهة انه لا جامع متصور فيها من جهة ان عمدة مسائلها انما هي حجية الامارات الملحوظ فيها جهة الاراءة والكاشفية عن الواقع والأصول الملحوظ فيما جهة عدم الاراءة عن الواقع والسترة عنه، ولا جامع بين الاراءة واللا إراءة عن الواقع في طرفي النقيض.
وحينئذ فأين الموضوع الوحداني في هذه العلوم يمتاز به بعضها عن البعض الاخر كي يبقى مجال القول بكون ميز العلوم بقول مطلق بتمايز موضوعاتها، خصوصا بعد ما يرى من تعريفهم إياه بأنه ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، فإنه فيما ذكرنا من العلوم لا يتصور موضوع وحداني فيها حتى يكون البحث عن عوارضه الذاتية، لأنه إذا نظرنا إلى موضوعات مسائلها المعروضة للعوارض المبحوث عنها في العلم نرى بأنه لا تكون الا عبارة عن المتكثرات بلا جامع ذاتي بينها، واما الجامع العرضي فهو وإن كان متصورا فيها ولكنه لا يكون مثل هذا الجامع العرضي الانتزاعي معروضا لعارض حتى يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، كما هو ظاهر.
نعم قد يكون لبعض العلوم موضوع وحداني سار في موضوعات مسائله بنحو تكون الخصوصيات المأخوذة في مسائله على فرضها من قبيل الجهات التعليلية لطرو العرض على ذات الموضوع المزبور مستقلا، نظير الفاعلية والمفعولية بالإضافة إلى عروض الرفع و النصب على ذات الكلمة، كما في كثير من العلوم العقلية ن الفلسفية والرياضية كعلم الحساب المبحوث فيه عن الاعراض الطارية على ذات العدد ككون العدد منطقا أو أصم وكالجمع والتفريق والضرب وإعمال الكسور، وكعلم الهندسة المتعرض للوازم المقدار العارضة عليه غالبا بنفسه كمبحث الاشكال والنظريات من الهندسة ونحو ذلك، فإنه في أمثال هذه العلوم أمكن دعوى وجود موضوع وحداني للعلم مبحوث فيه عن عوارضه