الخاصة التي هي عبارة عن مجموع القضية من الموضوع والمحمول أو المحمولات المنتسبة إلى الموضوعات مما كانت وافية بذلك الغرض والمقصد المخصوص، كما عليه أيضا قد جرى ديدن أرباب الفنون من الصدر الأول، حيث إنه قد جرى ديدنهم على تدوين شتات من القواعد الخاصة مما كانت وافية بغرض مخصوص ومقصد خاص لهم وجعلهم إياها فنا خاصا وموسومة باسم مخصوص كالصرف والنحو والهيئة والهندسة والفقه والأصول وغير ذلك.
ومن المعلوم أيضا - كما عرفت - انه لا يكاد يجمع من القضايا والقواعد في كل فن إلا ما كانت منها محصلة لذلك الغرض والمقصد الخاص ومرتبطة به، دون غيرها من القضايا التي لا يكون لها دخل في ذلك الغرض ولا مرتبطة به، فمن كان غرضه مثلا هو صيانة الكفر عن الخطأ كما في علم المنطق أو صيانة الكلام عن الغلط لا بد له من تدوين القضايا والقواعد التي لها دخل في الغرض المزبور دون غيرها من القضايا الغير المرتبطة به، وعلى ذلك ربما أمكن اشتراك العلمين أو أزيد في بعض المسائل بان كان مسألة واحدة من مسائل العلمين باعتبارين كما سنبينه (إن شاء الله تعالى).
وعلى كل حال فحقيقة كل فن وعلم عبارة عن نفس تلك القواعد الواقعية والكبريات النفس الامرية المحفوظة في مرتبة ذاتها و المعروضة للعلم تارة وللجهل أخرى، لا صورها التصورية أو التصديقية، فكان لعلم النحو والصرف واقع محفوظ في نفس الامر وهي القواعد الخاصة وان لم يكن لها محصل في العالم أصلا، وبهذا الاعتبار أيضا يقال بأن المسألة الكذائية من أجزأ فن دون فن آخر، فكانت أسامي هذه الفنون كالنحو والصرف والفقه والكلام وغيرها حاكيات عن نفس تلك القواعد الواقعية بأجمعها مع قطع النظر عن إدراكها محصلها، ومن ذلك إضافة العلم إليها تارة والجهل أخرى كما في قولك فلان عالم بالنحو والصرف وفلان جاهل بهما، فلو انه كان العلم والفن عبارة عن العلم بتلك القواعد لما كان مجال لإضافة العلم إليها تارة والجهل أخرى، كما لا يخفى.
وعلى ذلك فما في بعض التعابير من التعبير عن تلك الفنون بالعلم بها - كقولهم في مقام التعريف: بأن النحو علم بكذا، وان الصرف علم بكذا - لا يخلو عن مسامحة واضحة، إلا إذا كان ذلك منهم باعتبار وجوده الادراكي الذي هو في الحقيقة إحدى مراتب