المركبات التقييدية حيث كان المحكي للهيئة فيها عبارة عن وقوع النسبة لا إيقاعها، إذ كما أنه في الإضافات الخارجية الحاصلة من مثل وضع الحجر على حجر آخر يتصور حيثيتان، حيثية إيقاع النسبة أعني خروجها من العدم إلى الوجود المعبر عنها بالمعنى المصدري، و حيثية وقوع النسبة وثبوتها المعبر عنها بالمعنى الاسم المصدري، كذلك يتصور هاتان الحيثيتان في النسب والروابط الذهنية بين المفاهيم فيتصور النسبة تارة من حيث إيقاعها وصدورها، وأخرى من حيث وقوعها وثبوتها، فارغا عن إيقاعها، باعتبار تفرع وقوع الشئ وثبوته دائما على إيقاعه. فكان المحكي للجمل التامة مطلقا اسمية كانت أم فعلية أم شرطية هي النسب الايقاعية، وللجمل الناقصة في المركبات التقييدية التوصيفية كزيد القائم هي النسب الثابتة. ومن ذلك أيضا يختلف كيفية استعمالها حيث كان استعمال الهيئة في الجمل التامة من باب ذكر الهيئة بعنوان الموقعية للنسب الذهنية بخلاف المركبات التقييدية حيث كان ذلك من باب ذكر اللفظ ولحاظ معنى مفروغ التحقق في الذهن. وبهذه الجهة نقول أيضا بان مفاد الهيئة دائما في الجمل الناقصة والمركبات التقييدية في طول مفاد الهيئة في الجمل التامة وفي رتبة متأخرة عنها باعتبار كونها نتيجة لمفاد القضايا الحملية والجمل التامة. ولعله إلى ذلك أيضا يشير ما هو المشهور بينهم من أن الأوصاف قبل العلم بها اخبار والاخبار بعد العلم بها أوصاف، فكون القضية التوصيفية اخبارا قبل العلم بها انما كان بلحاظ ان الملحوظ فيها حينئذ هو النسبة لكن لا من حيث ثبوتها بل من حيث إيقاعها، كما أن كون القضية الحملية توصيفية بعد العلم بها انما هو بلحاظ ان الملحوظ فيها هو ثبوت النسبة فارغا عن إيقاعها.
ثم إنه ربما يفرق بينهما من جهة أخرى وهي عدم اقتضاء المحكي للمركبات التقييدية للوجود خارجا وكونه عبارة عن ذات الماهية بما هي قابلة للوجود والعدم، ومن ذلك يحمل عليها الوجود تارة والعدم أخرى كما في قولك زيد الضارب موجود أو معدوم، إذ التقيد المزبور لا يقتضى الا تضيق دائرة الذات وإخراجها عما لها من سعة الاطلاق، وهذا بخلافه في المركبات التامة فان للمحكي فيها اقتضاء الوجود الخارجي، ولذلك لا يصح ان يقال زيد قائم موجود أو معدوم، بل وانما الصحيح فيها هو المطابقة واللا مطابقة للواقع، ومن المعلوم انه لا يكون الوجه فيه الا ما ذكرناه من حكايتها تصورا عن النسبة الخارجية بين زيد والقيام في قولك زيد قائم واقتضاء المحكي فيها للوجود في الخارج. و