ملازما مع اللحاظ الآلي في الحروف والاستقلالي في الأسماء بنحو القضية الحينية لا بنحو التقيد، لان ذلك كما عرفت من المستحيل، من جهة استحالة تقيد المعنى باللحاظ المتأخر عنه، ومن المعلوم ان قضية ذلك قهرا هو عدم صحة الاستعمال المزبور على النحو المزبور من جهة عدم كونه من الاستعمال فيما وضع له بعد فرض قصور الوضع وعدم إطلاقه في الحروف والأسماء لحال عدم لحاظ المعنى مرآة أو استقلالا كما هو واضح.
وإلى مثل هذا البيان أيضا نظر الكفاية (قدس سره) في جوابه عن الاشكال المزبور بأنه قضية قانون الوضع واشتراط الواضع لان يراد في الحروف معناها بما هي حالة لمعنى اخر وفي الأسماء بما هو هو وإن كان في عبارته قصور في إفادة ذلك، لا ان المقصود من ذلك بيان اشتراط الواضع بعد الوضع على المستعملين لان لا يستعملوا الحروف الا في حال لحاظ المعنى مرآة لحال المتعلق ولا الأسماء إلا في حال لحاظ المعنى مستقلا ليكون من قبيل الشرط في ضمن العقد كما توهم، كي يورد عليه بأنه لا معنى محصل لذلك، ولا ملزم لاتباع شرط الواضع بعد إطلاق المعنى والموضوع له وعدم تقيده بصورة وجود القيد والخصوصية، كيف وان بطلان مثل هذا الاشتراط على المستعملين - لولا رجوعه إلى الارشاد إلى كيفية وضعه وعدم كونه مطلقا كما ذكرناه - غني عن البيان فلا ينبغي ان ينسب ذلك إلى من له أدنى دراية فضلا عن القائل المزبور. وحينئذ فالعمدة في بطلان هذا المشرب هو ما أوردناه عليه من مخالفة لما هو قضية الوجدان والارتكاز بل ومساعدة البرهان أيضا على امتناعه، نظرا إلى ما عرفت من امتناع كون الكلي مرآة للجزئيات و المصاديق بخصوصياتها التفصيلية خصوصا مع ما فيه أيضا من اقتضائه لزوم صرف جميع التقيدات عن مدلول الهيئة وإرجاعها تماما إلى المادة والمتعلق نظرا إلى فرض كونها حينئذ على هذا المشرب غير ملتفت إليها كما لا يخفى، مع أن ذلك كما ترى خلاف الوجدان.
وحينئذ بعد بطلان هذا المشرب أيضا يدور الامر بين المشرب الثالث والرابع وفي مثله لا ينبغي التأمل في أن الأخير هو المتعين، فان الوجدان في نحو قولك الماء في الكوز أو سرت من البصرة ونحو ذلك لا يرى من لفظ في ومن الا الروابط الخاصة الذهنية بين مفهومي الماء والكوز ومفهومي السير والبصرة، لا انه يرى من لفظ في الشئ المرتبط بالغير نظير السواد والبياض ولذلك لا يصح الاكتفاء أيضا بذكر متعلق واحد بقولك