الاسم والحرف في معناه ولولا على الكيفية المزبورة، كما هو واضح.
الثاني من المشارب: ما يظهر من بعض آخر من أن معاني الحروف معان قائمة بغيرها وانها من سنخ الاعراض القائمة بمعروضاتها كالسواد والبياض، وهذا المشرب هو ظاهر كل من عبر عنها بأنها حالة لمعنى آخر.
والفرق بين هذا المشرب وسابقه واضح، فإنه على هذا المشرب يكون المعنى الحرفي بذاته وحقيقته مباينا مع المعنى الاسمي، حيث كان المعنى الحرفي حينئذ من سنخ المحمولات بالضميمة ومن قبيل الاعراض الخارجية التي وجودها في نفسها عين وجودها لغيرها، فيغاير ذاتا وحقيقة مع الاسم الذي لا يكون معناه كذلك، بخلافه على مشرب الكفاية فإنه عليه لا يكون اختلاف بين المعنى الاسمي و المعنى الحرفي ذاتا وحقيقة وانما الاختلاف بينهما كان من جهة كيفية اللحاظ من حيث الالية والاستقلالية مع كون الملحوظ فيهما واحدا ذاتا وحقيقة، ومن ذلك عند هؤلاء لو انقلب النظر ولوحظ المعنى استقلالا وبما هو شئ في نفسه ينقلب المعنى عن كونه معنى حرفيا إلى المعنى الاسمي وبالعكس. وبذلك البيان ظهر الفرق بينهما من جهة الاستقلالية والتبعية أيضا حيث كان الاستقلالية والتبعية على المسلك الأول من صفات اللحاظ من حيث توجه اللحاظ إلى المعنى تارة بنحو الاستقلال وأخرى بنحو الالية والمرآتية إلى الغير كما في نظرك إلى المرآة تارة مرآة لملاحظة وجهك وأخرى استقلالا لملاحظة نفسها للحكم عليها بان هذه المرآة أحسن من تلك، بخلافه على المسلك الثاني فان الاستقلالية والتبعية على هذا المسلك انما كانت من صفات نفس المعنى والملحوظ من حيث تحققه تارة في الذهن محدودا بحد مستقل وغير متقوم بالغير وأخرى لا كذلك بل حالة لمعنى آخر وقائما به كقيام العرض بمعروضه مع كونه في مقام اللحاظ في الصورتين ملحوظا استقلالا لا مرآة. وحينئذ فكم فرق بين المشربين في الاستقلالية والتبعية ونحوي القيام بالغير، فإنه فإنه في الحقيقة على الأول لا يكون للمعنى الحرفي قيام بالغير أصلا ولو كان فإنما هو قيام زعمي تخيلي، بخلافه على الثاني، فان قيام المعنى الحرفي بالغير عليه قيام حقيقي لا زعمي، كما هو واضح.
الثالث من المشارب في الحروف: ما سلكه جماعة من الأساطين من كون معاني الحروف عبارة عن الروابط الخاصة والنسب و الإضافات المتحققة بين المفهومين التي هي من سنخ الإضافات المتقومة بالطرفين، فكان لفظ في في قولك: الماء في الكوز