منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٩٦
الثالث (بيان ذلك) ان الوجه الأول غير تام لما سنذكر من الأدلة على بساطة مفهوم المشتق وعدم تركبه من الذات والمبدأ، ولأنه لو كان كذلك لزم ان يكون حمل الموجود على الوجود الحقيقي مجازا أو غير صحيح وكلاهما كما ترى.
(ان قلت): إننا نرى بالوجدان ان المتبادر والمنساق إلى الذهن من لفظة العالم - مثلا - هو الذات المتصفة بالعلم. و (بعبارة أخرى) لا نفهم من هذه الكلمة الا من انكشف لديه الشئ وليس المراد من الموصول الا الذات.
(قلت): حيث أن المشتق - كما بينا - موضوع للعرض باعتبار وجوده الناعتي وأنه شأن من شؤون موضوعه وطور من أطواره وفان في موضوعه فلذلك ينتقل الذهن إلى الذات، وكأن الذات - التي هي غير العرض وتكون موضوعه - مدلول التزامي غالبي للمشتق لأنه - في الأغلب الأكثر - يكون المبدأ في الخارج مندكا وفانيا في الذات التي هي غيره بل لا يوجد مصداق بغير هذا الشكل الا في المشتقات التي تحمل على حقيقة الوجود الخالص عن شوب التركيب والمجرد عن الماهيات الامكانية. ولذلك استأنس ذهن أهل المحاورة و العرف بفهم الذات المتلبسة منه ولذلك نجد من المستهجن جدا ان يدعي أحد ان الوجود ليس بموجود لأنه ليس بذات ثبت له الوجود، بل - كما بينا آنفا - ان الموجود الحقيقي هو الوجود. والمصداق الذاتي له هو نفس الوجود والماهيات الامكانية الموجودة بسبب الوجود الحقيقي مصاديق عرضية لمفهوم الموجود.
واما الوجه الثاني الذي اختاره أستاذنا المحقق - قده - فغير تام لان مفهوم المشتق لو كان هو المبدأ المنتسب إلى الذات ومعلوم ان المشتق بما له من المفهوم ينسب إلى الذات في مقام تشكيل القضية، فمعناه ان المبدأ المنتسب إلى الذات ينسب إلى الذات.
وهذا غريب.
وأيضا المبدأ ليس قابلا لان يحمل على الذات لأنه أخذ بشرط لا. و هذا المعنى الذي أخذ بشرط لا لا يصير قابلا للحمل بمجرد ملاحظته منتسبا إلى الذات. نعم يصير قابلا للحمل بانقلابه عن البشرط لائية إلى اللابشرطية. وهذا هو الذي ذكرنا من أن الفرق
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»