زملائه يعانون آلام النفي والسجن، ويعاملون بمنتهى القسوة، ويدس لهم السم في المنفى ويموتون خنقا في السجون (1). ويرى السفور وقد فرض على المحجبات وذوات العفة والنجابة فرضا. وطلاب العلوم الدينية يساقون إلى الخدمة العسكرية زرافات ووحدانا، والخمور تباع علنا حتى في المدن المقدسة كخراسان وقم وبالقرب من المراقد الطاهرة. وغراء سيد الشهداء وزيارة قبور آل محمد بالعراق محظورة يعاقب عليها، وأخيرا واقعة خراسان التي قتل فيها ألوف من العلماء والسادة والأشراف والزوار والغرباء في " مسجد گوهرشاد " الملاصق لحرم الإمام الرضا (عليه السلام) حيث وجهت المدافع إليهم فدفنوهم بدمائهم ظلما وعدوانا... لقد كان يرى ذلك كله بعينه أو يسمعه وقلبه يقطر دما، لأنه لا يستطيع دفع الضر، وكانوا - مع ذلك - يبدون له الاحترام ظاهرا ويجاملونه، وكان هو يحافظ على الشكليات ليدفع بها الشر عن الباقين في بعض الحالات (2).
وقال السيد الأمين: " نزلنا في داره سنة 1353 في قم، فأنا بنا عنه في صلاة الجماعة في الصحن الشريف مدة مقامنا بقم. وكان في مدرسته في قم نحو من 900 طالب، يجري على أكثرهم الأرزاق. وقد انحصرت الرئاسة العلمية فيه في وقته في بلاد إيران وقلد فيها. عاشرناه مدة مقامنا عنده فوجدناه رجلا قد ملئ عقلا وكياسة وعلما وفضلا، ومن وفور عقله أن الأموال كانت تحبي إليه من أقاصي إيران فيضعها عند بعض التجار ويصرفها على الطبة بواسطة ذلك التاجر، ويأخذ لنفسه معاشا معينا منها، وهذا دليل على وفور عقله. وكان قد جاء سيل إلى قم قبيل ورودنا إليها فأتلفت دورا كثيرة تقدر بثلاثة آلاف دار، فأرسل البرقيات إلى كافة جهات إيران بطلب الإعانات. فجاءه من الشاه من طهران عشرة آلاف تومان أحضرها الرسول ونحن على الغداء فلم يمسها، وقال له: إدفعها للتاجر الفلاني، واختار لجنة تألفت من حاكم البلد وجماعة من وجهائها تجتمع كل ليلة برئاسته للنظر في كيفية توزيع الإعانات " (3).