درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٢١
كربلاء المشرفة، وأقام بها حوالي ثمان سنوات، وأكمل بقية المباحث الأصولية طيلة إقامته هناك وكان ناظرا في تلك المباحث إلى ما أفاده المحقق الخراساني في الكفاية وكانت مطبوعة حينذاك، ثم هاجر هجرة ثانية إلى إيران بلدة أراك، بدعوة العلامة الحجة الحاج السيد إسماعيل ابن المرحوم آية الله الحاج الآغا محسن الأراكي " قدس سرهما " وأنشأ مجددا حوزة علمية، وأفاد إفادات كثيرة مدة ثمان سنوات تقريبا، ثم هاجر في سنة 1340 ه‍. ق. إلى بلدة قم المشرفة، وأسس بها الحوزة العلمية المباركة.
حوزته في قم المقدسة: وقال صاحب أعيان الشيعة: ثم زار (أي الشيخ عبد الكريم رحمه الله) مدينة قم المباركة، فاتفقت رغبات جماعة من أهلها وغيرها على إقامته فيها، فسألوه ذلك، فأجابهم وبقى هناك مشتغلا بالتدريس وسائر الأمور الدينية، فتقاطر إليه الطلاب من كل حدب وصوب، وغصت بهم المدارس حتى زاد عدد الطلاب والعلماء على الألف، وقام بأعباء تنظيم دراستهم وإعاشتهم، واتخذ في تربية الطلبة وتعليمهم مسلكا صحيحا على أتقن نظام وأحسن أسلوب، حاز شيئا كثيرا من القبول عند العامة والخاصة (1).
وفي " طبقات أعلام الشيعة ": هبط (المترجم له) مدينة قم المشرفة في شهر رجب سنة 1340 ه‍، فنظم من كان فيها من طلاب العلم تنظيما عاليا وأعلن عن عزمه على جعلها مركزا علميا يكون له شأنه في خدمة الإسلام وإشادة دعائمه، وطفقت الحقوق الشرعية والهبات تتوالي عليه من شتى مدن إيران فوسع العطاء على الطلاب والعلماء وبذل عليهم بسخاء، وسن نظاما للدراسة وقرر ترتيبا مقبولا للإشراف على تعليم الطلاب وإجراء الامتحان السنوي، وأكثر من الترغيب بغية اجتذاب الناس وإدخال من يرغب في الحوزة العلمية، والناس - بحمد الله - منذ ذلك الحين ذو عقيدة راسخه وإيمان ثابت واهتمام بشأن الدين ورجاله واحترام لحملته وطلابه، وقد أبدى في كل ذلك كياسة وكفاءة، ودلل على عقلية جبارة، ونفس كبيرة، وصدر رحب ولم يكن ليكنز الأموال الطائلة من الحقوق الشرعية عنده وتحت يده، بل ائتمن بعض

(١) أعيان الشيعة: ج ٨، ص 42، طبعة دار التعارف.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»