تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٦٠
ومن هنا يتجه أن يقال بعدم اقتضاء الأمر للنهي عن الضد الخاص، وإن قلنا بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به؛ إذ كونه وجوبه للتوصل يقتضي اختصاصه بحالة إمكانه، ولا ريب أنه، مع وجود الصارف عن الفعل الواجب وعدم الداعي، لا يمكن التوصل؛ فلا معنى لوجوب المقدمة حينئذ. وقد علمت أن وجود الصارف وعدم الداعي مستمران مع الأضداد الخاصة.
____________________
كحفظ بيضة الإسلام ودفاع المعاندين عن ربقة المسلمين إذا توقف على ركوب دواب أو استعمال آلات مغصوبة غير محللة، وهو كما ترى غير مطرد في جميع جزئيات المبحث، وفيما يتفق ذلك أيضا لا يبقى فيه حرمة وطلب فعلي للترك، بل هو واجب صرف ومطلوب فعله ولا يبقى فيه مبغوضية لطرو الجهة المحبوبية بالعرض.
نعم فيه منقصة ذاتية مقهورة في جنب المزية الحاصلة فيه لعارض ولا تأثير لها حينئذ في إفادة المرجوحية أو المبغوضية أو الإلزام بتركه.
فإن أريد باجتماع الوجوب التوصلي مع الحرمة ما يكون من هذا القبيل، فهو - مع أنه غير سار في جميع أفراد المسألة فلا يلائم إطلاق القول بالجواز - ليس من الاجتماع في شيء.
وإن أريد به كون ما هو مبغوض ومطلوب تركه فعلا محبوبا ومطلوبا فعله فعلا، فهو غير معقول، كيف وأن الطلب الفعلي مع قطع النظر عن عدم تعلقه بالمبغوض أبدا لا يقصد به إلا الامتثال، سواء تعلق بإيجاد شيء أو تركه في غير موضع الابتلاء والامتحان وإلا كان سفها منافيا للحكمة، والشيء إذا تعلق بإيجاده وتركه طلبان فعليان فإن قصد بهما معا الامتثال بمتعلقهما لزم التكليف بالمحال، وإن قصد بأحدهما الامتثال خاصة أو لم يقصد الامتثال بشيء منهما لزم السفه، وتعدد الجهة على ما اكتفى به بعضهم في تجويز الاجتماع لا يجدي إلا إذا كانت الجهة بنفسها موضوعا للحكم وموردا للحسن والقبح، لا منشأ للحكم وعلة للحسن والقبح كما في ضرب اليتيم للتأديب والتعذيب، فإن موضوع الحكمين في الحقيقة هو التأديب والتعذيب ضرورة أن تأديبه حسن ذاتا وتعذيبه قبيح أصلا، غايته أن الضرب قد يرد في موضع التأديب فيكون حسنا مأمورا به، وقد يرد في محل التعذيب فيكون قبيحا منهيا عنه فالتأديب والتعذيب جهتان داخلتان في موضوعي الحكمين، فها هنا حكمان فعليان لموضوعين ممتازين، وكون الضرب محلا لهذين
(٧٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 751 752 753 755 757 758 759 760 761 762 763 » »»