تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٥٨
على أن الذي يقتضيه التدبر، في وجوب ما لا يتم الواجب إلا به مطلقا، على القول به، أنه ليس على حد غيره من الواجبات *. وإلا لكان اللازم - في نحو ما إذا وجب الحج على النائي فقطع المسافة أو بعضها على وجه منهي عنه - أن لا يحصل الامتثال حينئذ؛ فيجب عليه إعادة السعي بوجه سائغ، لعدم صلاحية الفعل المنهي عنه للامتثال، كما سيأتي بيانه. وهم لا يقولون بوجوب الإعادة قطعا؛ فعلم أن الوجوب فيها إنما هو للتوصل بها إلى الواجب. ولا ريب أنه بعد الإتيان بالفعل المنهي عنه يحصل التوصل؛ فيسقط الوجوب، لانتفاء غايته.
إذا عرفت ذلك، فنقول: الواجب الموسع كالصلاة مثلا يتوقف حصوله - بحيث يتحقق به الامتثال - على إرادته وكراهة ضده؛ فإذا قلنا بوجوب ما يتوقف عليه الواجب كانت تلك الإرادة وهاتيك الكراهة واجبتين، فلا يجوز تعلق الكراهة بالضد الواجب؛ لأن كراهته محرمة، فيجتمع حينئذ الوجوب والتحريم في شيء واحد شخصي. وهو باطل، كما سيجيء.
____________________
تثبت بطلان ذلك الوجه الطويل لكونهما من باب واحد.
والجواب عنهما يرد على سياق واحد، فالمصنف يدفعهما لعدم وجوب المقدمة الغير السببية والصارف ليس بسبب كما أن ترك الضد ليس بسبب، وعلى مذهب الحق يدفع أصل المقدمية، إذ الصارف ليس بمقدمة لفعل الضد بل يقارن معه في الوجود، كما أن ترك الضد ليس بمقدمة لفعل المأمور به.
* جواب آخر ذكره مع الإغماض والتنزل عما هو الحق في الجواب عنده الذي ذكره أولا، لأنه مبني على فرض تسليم وجوب غير السبب من مقدمات الواجب والمصنف لا يرضى به، فالجواب بما هو مبني عليه تنزل ومماشاة مع الخصم، ولا بأس به لكونه غير عزيز في طريقة العلماء.
وغرضه من هذا الجواب إبداء الفرق بين الوجوب الثابت للمقدمة وما يثبت لغيرها من الواجبات الأصلية، فإنه وجوب يثبت لمجرد التوصل إلى واجب آخر وليس بحيث يكون منوطا بالصفة الكامنة في الشيء الموجبة لكونه مطلوبا بالذات مقصودا
(٧٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 751 752 753 755 757 758 759 760 761 762 763 » »»