التذكرة بأصول الفقه - الشيخ المفيد - الصفحة ٧
العصور الأخيرة، وضخامة مباحثه ومؤلفاته إلى حد الاعجاب والفخر، إلا أن وجود مثل هذا الكتاب - على اختصاره وإيجازه - في عهد المفيد يدل على أصالة قواعده، وأن ما تحتويه من آراء ونظريات متطورة لم تحصل فجأة، ولم تكن وليدة ساعتها، وإنما هي استمرار وامتداد لجهود أصولية متعاقبة، كما أنها تعتبر أساسا قويما للجهود المتتالية التي حمل رايتها تلامذة المفيد ومن بعدهم أعلام الشيعة الكرام.
ومهما يكن، فإن مؤرخ علم الأصول يمكنه أن يحدد معالم هذا العلم في عصر المفيد وما حوله، من خلال هذه الرسالة على اختصارها.
كما أنا نقف فيها على عناصر من فكر الشيخ المفيد الأصولي، نشير إلى أهمها:
1 - الأدلة:
جعل الشيخ المفيد مصادر الحكم الشرعي: العقل ثم اللسان (أي اللغة) و هو مصدر معرفة المفردات والمعاني اللغوية، ثم النصوص الشرعية من الكتاب و السنة، والملاحظ أنه عطف على السنة أقوال المعصومين الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، مما يوحي أن مصطلح (السنة) عنده يختص بالمروي عن الرسول صلى الله عليه وآله.
ويلاحظ - أيضا - أنه لم يذكر (الإجماع) في أدلة الأحكام الشرعية، و السبب أنه لا يقول بحجية الاجماع في نفسه، وإنما يلتزم بالإجماع الدخولي، الذي تكون العبرة فيه بقول المعصوم الداخل فيه، فلذا لم يعد الاجماع وحده دليلا مستقلا.
2 - الخبر الواحد:
حكم بحجية الخبر الواحد بشرط الاقتران بقرينة تؤيد صدقه، أو بدليل
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 2 4 5 6 7 8 9 11 25 27 ... » »»