التذكرة بأصول الفقه - الشيخ المفيد - الصفحة ٦
بين العقلاء.
ولما تكثرت المعارف وتداخلت كان من الضروري إبراز هذه القواعد في قالب معين، وجمعها في إطار محدد، سمي بعلم (أصول الفقه).
ولقد اصطيدت وحدات هذه القواعد، ونماذج مطبقة منها في ما ورد عن الأئمة عليهم السلام من أحاديث تحتوي على أكثر من مجرد عرض الأحكام و سردها، بل تحتوي على الاستدلالات والمناقشات الفقهية، وخاصة عندما كان الفقهاء من أصحابهم، يحاولون التفريع على ما كان الأئمة عليهم السلام يطلقونه من نصوص وقواعد.
وكما تألق فقهاء الشيعة منذ الصدر الأول في تقرير هذه القواعد واستخدام هذه الأصول، فإنهم كذلك سبقوا في تحريرها وضبطها وتقييدها في المؤلفات.
فكانت هناك مؤلفات في بعض الجوانب الأصولية الهامة، كمباحث الألفاظ، والعموم والخصوص، والاجمال والبيان.
أما قدماء الفقهاء فكانوا يحررون مبانيهم الأصولية ضمن الكتب الفقهية وفي خلال المسائل التي تناسب تلك البحوث، وخاصة عند التعرض للخلاف ونثار المناقشات بالنقض والابرام، فيعدون ما يصلح للاستدلال ويرفضون ما لا يصلح، كما هو الحال بالنسبة إلى أدلة القياس والرأي والاستحسان والمصالح المرسلة، الباطلة عند الشيعة.
ومع أن المؤلفات الشيعية القديمة في هذا الفن عرضت للتلف والإبادة، فإن التاريخ احتفظ لنا بهذا المختصر من كتاب ألفه الشيخ المفيد، في مرحلة متقدمة مما يدل على نضج هذا الفن وتكامله في عصره.
وبالرغم من التوسع والتقدم والازدهار الذي امتاز به هذا العلم في
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 2 4 5 6 7 8 9 11 25 ... » »»