أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٨٢
وأصرح دليل لإثبات عذاب القبر من القرآن، هو قوله تعالى: * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب) *، لأن الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة. * (كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين) *. لو: هنا شرطية، جوابها محذوف باتفاق قدره ابن كثير أي لو علمتم حق العلم، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الآخرة، حتى صرتم إلى المقابر، وعلم اليقين: أجاز أبو حيان إضافة الشيء لنفسه، أي لمغايرة الوصف، إذ العلم هو اليقين، ولكنه آكد منه.
وعن حسان قوله: وعن حسان قوله:
* سرنا وساروا إلى بدر لحتفهم * لو يعلمون يقين العلم ما ساروا * ولترون الجحيم: جواب لقسم محذوف.
وقال: المراد برؤيتها عند أول البعث، أو عند الورود، أو عندما يتكشف الحال في القبر.
ثم لترونها عين اليقين:
قيل: هذا للكافر عند دخولها، هذا حاصل كلام المفسرين.
ومعلوم أن هذا ليس لمجرد الإخبار برؤيتها، ولكن وعيد شديد وتخويف بها، لأن مجرد الرؤية معلوم.
وإن منكم إلا واردها، ولكن هذه الرؤية أخص، كما في قوله: * (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) *، أي أيقنوا بدليل قوله: * (ولم يجدوا عنها مصرفا) *.
وقد يبدو وجه في هذا المقام، وهو أن الرؤية هنا للنار نوعان:
الرؤية الأولى: رؤية علم وتيقن، في قوله: * (لو تعلمون علم اليقين) *، علما تستيقنون به حقيقة يوم القيامة لأصبحتم بمثابة من يشاهد أهواله ويشهد بأحواله، كما في حديث الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه)
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»