كما يدخل فيها نعمة الإخاء في الله * (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) *، وغير ذلك كثيرا.
وثانيها: الصحة، وكمال الخلقة والعافية، فمن كمال الخلقة الحواس * (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين) *.
ثم قال: * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولا) *.
وثالثها: المال في كسبه وإنفاقه سواء، ففي كسبه من حله نعمة، وفي إنفاقه في أوجهه نعمة.
هذه أصول النعم، فماذا يسأل عنه، منها جاءت السنة بأنه سيسأل عن كل ذلك جملة وتفصيلا.
أما عن الدين والمال والصحة، ففي مجمل الحديث (إذا كان يوم القيامة، لا تزل قدم عبد حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أبلاه، وعن علمه فيم عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن شبابه فيم أفناه).
ولعظم هذه الآية وشمولها، فإنها أصبحت من قبيل النصوص مضرب المثل، فقد فصلت السنة جزئيات ما كانت تخطر ببال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد القرطبي ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟) قالا: الجوع يا رسول الله! قال: (وأنا، والذي نفسي بيدها لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا) فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا! وأهلا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أين فلان؟) قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء أي يطلب ماء عذبا. إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياك والحلوب، فذبح لهم. فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق،