قوله: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) *، لمناسبتها لأول السورة.
كما هو ظاهر بشمول النعيم للمال شمولا أوليا.
وقوله: * (حتى زرتم المقابر) *.
أخذ منه من قال: إن تفاخرهم، حملهم على الذهاب إلى المقابر ليتكاثروا بأمواتهم، كما جاءت في أخبار أسباب النزول المتقدمة.
والصحيح في زرتم المقابر: يعني متم، لأن الميت يأتي إلى القبر كالزائر لأن وجوده فيه مؤقتا.
وقد روي: أن أعرابيا سمع هذه الآية، فقال: بعثوا ورب الكعبة، فقيل له في ذلك، فقال: لأن الزائر لا بد أن يرتحل.
تنبيه قد بحث بعض العلماء مسألة زيارة القبور هنا لحديث: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر في الآخرة).
وقالوا: إن المنع كان عاما من أجل ذكر مآثر الآباء والموتى، ثم بعد ذلك رخص في الزيارة، واختلفوا فيمن رخص له. فقيل: للرجال دون النساء لعدم دخولهن في واو الجماعة في قوله: (فزوروها).
وقيل: هو عام للرجال وللنساء، واستدل كل فريق بأدلة يطول إيرادها.
ولكن على سبيل الإجمال لبيان الأرجح، نورد نبذة من البحث.
فقال المانعون للنساء: إنهن على أصل المنع، ولم تشملهن الرخصة، ومجئ اللعن بالزيارة فيهن.
وقال المجيزون: إنهن يدخلن ضمنا في خطاب الرجال، كدخولهن في مثل قوله: * (وأقيموا الصلواة وآتوا الزكواة) *، فإنهن يدخلن قطعا.
وقالوا: إن اللعن المنوه عنه جاء في الحديث بروايتين رواية: (لعن الله زائرات القبور).
وجاء (لعن الله زوارات القبور والمتخذات عليهن السرج) إلى آخره.