أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٥٤
فهو في قوة الوعد في المستقبل، فيكون الإخبار بالرضى مسبقا عليه.
وكذلك آية سورة الفتح في البيعة تحت الشجرة إذ فيها * (لقد رضي الله عن المؤمنين) *، وهو إخبار بصيغة الماضي، وقد سميت (بيعة الرضوان).
تنبيه في هذا الأسلوب الكريم سؤال، وهو أن العبد حقا في حاجة إلى أن يعلم رضوان الله تعالى عليه، لأنه غاية أمانيه، كما قال تعالى: * (ذالك الفوز العظيم) *.
أما الإخبار عن رضي العبد عن الله، فهل من حق العبد أن يسأل عما إذا كان هو راضيا عن الله أم لا؟ إنه ليس من حقه ذلك قطعا، فيكون الإخبار عن ذلك بلازم الفائدة، وهي أنهم في غاية من السعادة والرضى فيما هم فيه من النعيم إلى الحد الذي رضوا تجاوز رضاهم حد النعيم إلى الرضى عن المنعم.
كما يشير إلى شيء من ذلك آخر آية النبأ * (عطآء حسابا) *، قالوا: إنهم يعطون حتى يقولوا: حسبنا حسبنا، أي كافينا. * (ذلك لمن خشى ربه) *. اسم الإشارة منصب على مجموع الجزاء المتقدم، وقد تقدم أنه للذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهنا يقول: إنه لمن خشي ربه، مما يفيد أن تلك الأعمال تصدر منهم عن رغبة ورهبة.
رغبة فيما عند الله، ورهبة من الله، ومثله قوله تعالى: * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) *، وقوله: * (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هى المأوى) *.
والواقع أن صفة الخوف من الله تعالى، هي أجمع صفات الخير في الإنسان، لأنها صفة للملائكة المقربين.
كما قال تعالى عنهم: * (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) *.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»