أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٦٢
الحيوان والجماد والنبات، كما تؤثر في الإنسان على ما سيأتي إن شاء الله. * (ومن شر حاسد إذا حسد) *. اقتران الحسد بالسحر هنا، يشير إلى وجود علاقة بين كل من السحر والحسد، وأقل ما يكون هو التأثير الخفي الذي يكون من الساحر بالسحر، ومن الحاسد بالحسد مع الاشتراك في عموم الضرر، فكلاهما إيقاع ضرر في خفاء، وكلاهما منهى عنه.
وقد أوضح فضيلة الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، أنواع السحر وأحكامه وأورد فيه كلاما وافيا.
وقد ظهر بما قدمنا: أن الحسد له علاقة بالسحر نوعا ما، فلزم إيضاحه وبيان أمره بقدر المستطاع، إن شاء الله.
أولا: تعريفه: قالوا: إن الحسد هو تمني زوال نعمة الغير، أو عدم حصول النعمة للغير شحا عليه بها.
وقد قيدت الاستعاذة من شر الحاسد إذا حسد، أي عند إيقاعه الحسد بالفعل، ولم يقيدها من شر الساحر إذا سحر.
وذلك والله تعالى أعلم: أن النفث في العقد هو عين السحر، فتكون الاستعاذة واقعة موقعها عند سحره الواقع منه بنفثه الحاصل منه في العقد.
أما الحاسد فلم يستعذ منه إلا عند إيقاعه الحسد بالفعل، أي عند توجهه إلى المحسود، لأنه قبل توجهه إلى المحسود بالحسد لا يتأتى منه شر، فلا محل للاستعاذة منه.
أما حقيقة الحسد: فيتعذر تعريفه منطقيا.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه أنه قال في السحر: لا يمكن تعريفه لخفائه.
ومعلوم أن الحسد أشد خفاء، لأنه عمل نفسي وأثر قلبي، وقد قيل فيه: إنه كإشعاع غير مرئي، ينتقل من قلب الحاسد إلى المحسود، عند تحرقه بقلبه على المحسود، وقد شبه حسد الحاسد بالنار في قولهم
(١٦٢)
مفاتيح البحث: الإخفاء (1)، الضرر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»