لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما) *. * (فيها عين جارية) *. ومعلوم أنها عيون وأنهار تجري، كقوله: * (فى جنات وعيون) *، ومن لوازم العيون والأنهار، هو كمال النعيم، فأشجار ورياحين، فروح وريحان وجنة نعيم. وهذا في التعميم يقابل العين الآنية في الحميم للقسم الأول، فيها سرر مرفوعة وهم عليها متكؤن بدل من عمل الآخرين في نصب وشقاء. وأكواب موضوعة لإتمام التمتع وكمال الخدمة والرفاهية. ونمارق مصفوفة متكا وزرابي مبثوثة مفروشة في كل مكان، فاكتمل النعيم من كل جانب، حيث اشتمل ما تراه العين وما تسمعه الأذن وما يتذوقون طعمه من شراب وغيره.
فيكون بذلك قد غشيتهم النعمة، كما غشيت أولئك النقمة وتكون الغاشية بمعنى الشاملة، وعلى عمومها للفريقين، وهي صالحة لغة وشرعا للمعذبين بالعذاب، وللمنعمين بالنعيم. وبالله تعالى التوفيق.
تنبيه مجيء * (فيها) * مرتين: * (فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة) *. للدلالة على قسمي نعيم الجنة. الأول: عيون ونزهة. والثاني: سرر وسكن. * (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السمآء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الا رض كيف سطحت * فذكر إنمآ أنت مذكر) *. توجيه الأنظار إلى تلك المذكورات الأربعة، لما فيها من عظيم الدلائل على القدرة وعلى البعث وثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية والألوهية، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه.
أما الإبل فلعلها أقرب المعلومات للعرب وألصقها بحياتهم في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها، وملبسهم من أوبارها وجلودها، وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها مما لا يوجد في غيرها في العالم كله لا في الخيل ولا في الفيلة، ولا في أي حيوان آخر، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها في معرض امتنانه تعالى عليهم في قوله: * (أولم