أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥١٤
المعد والمحضر لهم، وفي المعجم حميم آن: قد انتهى حره، والفعل: أنى الماء المسخن يأتي بكسر النون. قال عباس: يطوفون بينها وبين حميم ءان) *، ومعلوم أن الحميم شديد الحرارة، كما أن حملها على معنى حاضرة لم يكن فيه بيان معنى ما في تلك العين من أنواع الشراب المعد والمحضر لهم، وفي المعجم حميم آن: قد انتهى حره، والفعل: أنى الماء المسخن يأتي بكسر النون. قال عباس:
* علانية والخيل يغشى متونها * حميم وآن من دم الجوف ناقع * ليس لهم طعام إلا من ضريع) *. تكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الجمع بينه وبين قوله تعالى: * (فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين) *، وبين الصحيح من معنى الضريع ما هو، وأنه نبت معروف للعرب، وهو على الحقيقة لا المجاز.
وقد أورد الفخر الرازي سؤالا والجواب عليه، وهو كيف ينبت الضريع في النار؟ فأجاب بالإحالة على تصور كيف يبقى جسم الكفار حيا في النار، وكذلك الحيات والعقارب في النار.
وهذا وإن كان وجيها من حيث منطق القدرة، ولكن القرآن قد صرح بأن النار فيها شجرة الزقوم، وأنها فتنة للظالمين في قوله: * (أذالك خير نزلا أم شجرة الزقوم * إنا جعلناها فتنة للظالمين * إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم * طلعها كأنه رءوس الشياطين * فإنهم لاكلون منها فمالئون منها البطون) *، فأثبت شجرة تخرج في أصل الجحيم، وأثبت لها لازمها وهو طلعها في تلك الصورة البشعة، وأثبت لازم اللازم وهو أكلهم منها حتى ملء البطون.
والحق أن هذا السؤال وجوابه قد أثاره المبطلون، ولكن غاية ما في الأمر سلب خاصية الإحراق في النار عن النبات، وليس هذا ببعيد على قدرة من خلق النار وجعل لها الخاصية.
وقد وجد نظيره في الدنيا فتلك نار النمروذ، كانت تحرق الطير في الجو إذا اقترب منها، وعجزوا عن الدنو إليها ليلقوا فيها إبراهيم ووضعوه في المنجنيق ورموه من بعيد، ومع ذلك حفظه الله منها بقوله تعالى لها: * (كونى بردا وسلاما على إبراهيم) *، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء. * (وجوه يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغية
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»