وقيل: إنه بعد أن يستلم الزكاة الواجبة من أجناسها يستبد لها من باب البيع والمعاوضة عملا بما فيه المصلحة للطرفين.
وقيل: إنه اجتهاد منه رضي الله عنه، ولكنه اجتهاد أعرفهم بالحلال والحرام إلى غير ذلك.
والصحيح الثاني: أنه تصرف بعد الاستلام وبلوغها محلها ولا سيما مع نقلها إلى المدينة بخلاف زكاة الفطر فليست تنقل ابتداء، ولأن مهمة زكاة المال أعم من مهمة زكاة الفطر، ففيها النقدان والحيوان.
أما زكاة الفطر فطعمة للمسكين في يوم الفطر فلا تقاس عليها.
أما الناقة الحسنة التي رآها صلى الله عليه وسلم، وأنها بدل من بعيرين، فهو من جنس الاستبدال بالجنس عملا للمصلحة لم تخرج عن جنس الواجب.
وأما الجزية يؤخذ منها قدر الواجب فلا دليل فيه، إذ زكاة الفطر فيها جانب تعبد وارتباط بركن في الإسلام.
وأما الجزية فهي عقوبة على أهل الذمة عن يد وهم صاغرون، فأيما أخذ منهم فهو واف بالغرض، فلم يبق للقائلين بالقيمة في زكاة الفطر مستند صالح فضلا عن عدم النص عليها.
وختاما: إن القول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين:
الجهة الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر، كما ذكر العوض في زكاة الإبل، وهو صلى الله عليه وسلم أشفق وأرحم بالمسكين من كل إنسان.
الجهة الثانية: وهي القاعدة العامة، أنه لا ينتقل إلى البدل إلا عند فقد المبدل عنه، وأن الفرع إذا كان يعود على الأصل بالبطلان فهو باطل.
كما رد ابن دقيق العيد على الحنابلة قولهم: إن الأشنان يجزئ عن التراب في الولوغ. أي لأنه ليس من جنسه ويسقط العمل به.
وكذلك لو أن كل الناس أخذوا بإخراج القيمة لتعطل العمل بالأجناس المنصوصة،