وهكذا اليهود: إن داءهم الدفين هو الحسد والعجب بالنفس، فجرهم إلى الكفر، ووقعوا في الخيانة، وكانت النتيجة القتل والطرد.
وقد بين الشيخ رحمه الله أن مشاقة اليهود هذه هي من الإفساد في الأرض الذي نهاهم الله عنه، وعاقبهم عليه مرتين، وتهددهم إن هم عادوا للثالثة عاد للانتقام منهم، وها هم قد عادوا، وشاقوا الله ورسوله، فسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
قال رحمه الله في سورة الإسراء عند قوله تعالى: * (وإن عدتم عدنا) *، لما بين تعالى أن بني إسرائيل قضي إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين وبين نتائج هاتين المرتين بين تعالى أيضا: أنهم إن عادوا للإفساد في المرة الثالثة، فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله: * (وإن عدتم عدنا) *، ولم يبين هنا هل عادوا للإفساد في المرة الثالثة أم لا؟
ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته، ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة، فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله: * (وإن عدتم عدنا) * فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وجرى على بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع وخيبر، ما جرى من القتل والسلب والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.
ومن الآيات الدالة على أنهم عادوا للإفساد قوله تعالى: * (ولما جآءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جآءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بمآ أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشآء من عباده فبآءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين) *. وقوله: * (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم) *. وقوله: * (ولا تزال تطلع على خآئنة منهم) * ونحو ذلك من الآيات.
ومن الآيات الدالة على أنه تعالى عاد إلى الانتقام منهم قوله تعالى: * (هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا ياأولى الا بصار ولولا أن كتب الله