بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون) * وقوله تعالى * (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى) *.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا، والجواب عما يرد عليها من الإشكال، في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * وذكرنا وجه الجمع بين الآيات الواردة في ذلك في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: * (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون) *.
وأما الخامس منها: وهو أنه ليس للإنسان إلا ما سعى، فقد جاء موضحا في آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: * (إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها) *. وقوله: * (من عمل صالحا فلنفسه ومن أسآء فعليها) * وقوله: * (ومن عمل صالحا فلانفسهم يمهدون) * والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * يدل على أن الإنسان لا يستحق أجرا إلا على سعيه بنفسه، ولم تتعرض هذه الآية لانتفاعه بسعي غيره بنفي ولا إثبات، لأن قوله: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * قد دلت اللام فيه على أنه لا يستحق ولا يملك شيئا إلا بسعيه، ولم تتعرض لنفي الانتفاع بما ليس ملكا له ولا مستحقا له.
وقد جاءت آية من كتاب الله تدل على أن الإنسان قد ينتفع بسعي غيره وهي قوله تعالى: * (والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ومآ ألتناهم من عملهم من شىء) *.
وقد أوضحنا وجه الجمع بين قوله تعالى: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * وبين قوله: * (والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان) *. في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة النجم، وقلنا فيه ما نصه: والجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الآية إنما دلت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه. ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره، لأنه لم يقل: وأن لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى، وإنما قال وأن