أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٣٦
هنا، وتعريفه وإضافته في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: * (ثم نخرجكم طفلا) *، والمقسم عليه بهذه الأقسام هو قوله: * (إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) *، والموجب لهذا التوكيد هو شدة إنكار الكفار للبعث والجزاء.
وقوله: * (إنما توعدون) * ما، فيه موصولة والعائد إلى الصلة محذوف، والوصف بمعنى المصدر أي إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب لصدق لا كذب فيه.
وقال بعض العلماء: ما، مصدرية، أي إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق.
وقال بعضهم: إن صيغة اسم الفاعل في لصادق بمعنى اسم المفعول. أي إن الوعد أو الموعود به لمصدوق فيه لا مكذوب به، ونظير ذلك قوله تعالى: * (فى عيشة راضية) * أي مرضية. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من صدق ما يوعدونه جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (إن الله لا يخلف الميعاد) *. وقوله: * (إن ما توعدون لأت) *. وقوله تعالى: * (ليس لوقعتها كاذبة) * والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والمراد بالدين هنا الجزاء، أي وإن الجزاء يوم القيامة لواقع لا محالة كما قال تعالى * (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) * أي جزاءهم بالعدل والإنصاف، وكقوله تعالى: * (وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزآء الأوفى) *.
وقد نزه الله نفسه عن كونه خلق الخلق لا لبعث وجزاء، وبين أن ذلك ظن الكفار، وهددهم على ذلك الظن السئ بالويل من النار، قال تعالى منكرا على من ظن عدم البعث والجزاء، ومنزها نفسه عن أنه خلقهم عبثا لا لبعث وجزاء: * (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إلاه إلا هو رب العرش الكريم) *. وقال تعالى: * (وما خلقنا السمآء والا رض وما بينهما باطلا ذالك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) *، في قوله في آية في ص هذه: باطلا أي عبثا لا لبعث وجزاء. قوله تعالى: * (والسمآء ذات الحبك إنكم لفى قول مختلف يؤفك عنه من أفك) *.
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»