أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٢٦
أول مرة) * وقوله: * (فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة) * والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقد أوضحنا الآيات الدالة على براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، كخلق الناس أولا، وخلق السماوات والأرض وما فيهما وإحياء الأرض بعد موتها، وغير ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، في البقرة والنحل والحج والجاثية وغير ذلك، وأحلنا على ذلك مرارا كثيرة. قوله تعالى: * (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة هود في الكلام على قوله تعالى: * (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) *.
* (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد * وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ فى الصور ذلك يوم الوعيد * وجآءت كل نفس معها سآئق وشهيد * لقد كنت فى غفلة من هاذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد * وقال قرينه هاذا ما لدى عتيد * ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذى جعل مع الله إلاها ءاخر فألقياه فى العذاب الشديد * قال قرينه ربنا مآ أطغيته ولاكن كان فى ضلل بعيد * قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدى ومآ أنا بظلام للعبيد * يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد * وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هاذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشى الرحمان بالغيب وجآء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشآءون فيها ولدينا مزيد) * قوله تعالى: * (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *. قوله إذ: منصوب بقوله: أقرب، أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد في الوقت الذي يتلقى فيه الملكان جميع ما يصدر منه، والمراد أن الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، في وقت كتابة الحفظة أعماله لا حاجة له لكتب الأعمال، لأنه عالم بها لا يخفى عليه منها شيء، وإنما أمر بكتابة الحفظة للأعمال لحكم أخرى كإقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أوضحه بقوله: * (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *، ومفعول التلقي في الفعل الذي هو يتلقى، والوصف الذي هو المتلقيان محذوف تقديره، إذ يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإنسان فيكتبانه عليه.
قال الزمخشري: والتلقي التلقن بالحفظ والكتبة ا ه منه، والمعنى واضح لأن الملك يتلقى عمل الإنسان عند صدوره منه فيكتبه عليه، والمتلقيان هما الملكان اللذان يكتبان أعمال الإنسان، وقد دلت الآية الكريمة على أن مقعد أحدهما عن يمينه ومقعد الآخر عن شماله.
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»