((سورة الحجرات)) * (ياأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم * ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولائك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم * إن الذين ينادونك من ورآء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم) * قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) *. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: لا تقدموا فيه لعلماء التفسير ثلاثة أوجه: الأول منها وهو أصحها وأظهرها أنه مضارع قدم اللازمة بمعنى تقدم.
ومنه مقدمة الجيش ومقدمة الكتاب بكسر الدال فيهما، وهو اسم فاعل قدم بمعنى تقدم.
ويدل لهذا الوجه قراءة يعقوب من الثلاثة الذين هم تمام العشرة لا تقدموا بفتح التاء والدال المشددة وأصله لا تتقدموا فحذفت إحدى التاءين.
الوجه الثاني: أنه مضارع قدم المتعدي، والمفعول محذوف لإرادة التعميم أي لا تقدموا قولا ولا فعلا بين يدي الله ورسوله بل أمسكوا عن ذلك حتى تصدروا فيه عن أمر الله ورسوله.
الوجه الثالث: أنه مضارع قدم المتعدية ولكنها أجريت مجرى اللازم، وقطع النظر عن وقوعها على مفعولها، لأن المراد هو أصل الفعل دون وقوعه على مفعوله.
ونظير ذلك قوله تعالى: * (وهو الذى يحاى ويميت) * أي هو المتصف بالإحياء والإماتة، ولا يراد في ذلك وقوعهما على مفعول.
وكقوله تعالى: * (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * لأن المراد، أن المتصفين بالعلم لا يستوون مع غير المتصفين به.
ولا يراد هنا وقوع العلم على مفعول، وكذلك على هذا القول: لا تقدموا، لا تكونوا من المتصفين بالتقديم.
وقد قدمنا في كلامنا الطويل على آية: * (أفلا يتدبرون القرءان) * أن لفظة بين يديه معناها أمامه، وذكرنا الآيات الدالة على ذلك.