جديدا طارئا لم يكن مشروعا من قبل.
وأحكام الشريعة تتجدد شيئا فشيئا.
والآية لم تدل على استمرار الحصر المذكور فيها.
فتبين أن زيادة حكم طارىء لا تناقض بينها وبين ما كان قبلها.
وإيضاح هذا أن نسخ المتواتر بالآحاد إنما رفع استمرار حكم المتواتر ودلالة المتواتر على استمرار حكمه ليست قطعية حتى يمنع نسخها بأخبار الآحاد الصحيحة.
وقد قدمنا إيضاح هذا في سورة الأنعام.
وقصدنا مطلق المثال لما يقال: إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله خالف فيه السنة برأيه.
وغرضنا أن نبين أنه رحمه الله لم يخالف شيئا من ذلك، إلا لشيء اعتقده مسوغا لذلك.
وأنه لا يترك السنة إلا لشيء يراه مستوجبا لذلك شرعا.
ومما يبين ذلك أنه كان يقدم ضعيف الحديث على الرأي.
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ما نصه:
وأصحاب أبي حنيفة رحمه الله مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث عنده أولى من القياس والرأي.
وعلى ذلك بنى مذهبه كما قدم حديث القهقهة مع ضعفه على القياس والرأي.
وقدم حديث الوضوء بنبيذ التمر في السفر مع ضعفه على الرأي والقياس.
ومنع قطع يد السارق لسرقة أقل من عشرة دراهم، والحديث فيه ضعيف.
وجعل أكثر الحيض عشرة أيام والحديث فيه ضعيف.
وشرط في إقامة الجمعة المصر، والحديث فيه كذلك.
وترك القياس المحض في مسائل الآبار لآثار فيها غير مرفوعة.
فتقديم الحديث الضعيف وآثار الصحابة قوله، وقول الإمام أحمد:
وليس المراد بالحديث الضعيف في اصطلاح السلف هو الضعف في اصطلاح المتأخرين.
بل ما يسميه المتأخرون حسنا قد يسميه المتقدمون ضعيفا ا ه. محل الغرض منه.
ومن أمثلة ما ذكر أن أبا حنيفة رحمه الله خالف فيها السنة لزوم الطمأنينة في الصلاة وتعين تكبيرة الإحرام في الدخول فيها والسلام للخروج منها.