أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٥١
ولم يجعل واسطة بين إذنه في ذلك وبين الافتراء عليه.
فمن كان عنده إذن من الله بتحريم هذا أو تحليا فليعتمد على إذن الله في ذلك.
ومن لم يكن عنده إذن من الله في ذلك فليحذر من الافتراء على الله.
إذ لا واسطة بين الأمرين.
ومعلوم أن العبرة بعموم لفظ الآية لا بخصوص سببها.
فالذين يقولون من الجهلة المقلدين: هذا حلال وهذا حرام، وهذا حكم الله، ظنا منهم أن أقوال الإمام الذي قلدوه تقوم مقام الكتاب والسنة وتغني عنهما.
وإن ترك الكتاب والسنة والاكتفاء بأقوال من قلدوه أسلم لدينه أعمتهم ظلمات الجهل المتراكمة عن الحقائق حتى صاروا يقولون هذا.
فهم كما ترى، مع أن الإمام الذي قلدوه، ما كان يتجرأ على مثل الذي تجرؤوا عليه، لأن علمه يمنعه من ذلك.
والله جل وعلا يقول: * (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الا لباب) *.
التنبيه الرابع اعلم أن مما لا بد منه معرفة، الفرق بين الاتباع والتقليد، وأن محل الاتباع لا يجوز التقليد فيه بحال.
وإيضاح ذلك: أن كل حكم ظهر دليله من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين، لا يجوز فيه التقليد بحال.
لأن كل اجتهاد يخالف النص، فهو اجتهاد باطل، ولا تقليد إلا في محل الاجتهاد.
لأن نصوص الكتاب والسنة، حاكمة على كل المجتهدين، فليس لأحد منهم مخالفتها كائنا من كان.
ولا يجوز التقليد فيما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا إذ لا أسوة في غير الحق.
فليس فيما دلت عليه النصوص إلا الاتباع فقط.
ولا اجتهاد، ولا تقليد فيما دل عليه نص، من كتاب أو سنة، سالم من المعارض.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»