أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٠
وزاد عتيق بن يعقوب، ولا يقولون حلال وحرام.
أما سمعت قول الله عز وجل: * (قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون) *.
الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله: قال أبو عمر: معنى قول مالك هذا إن ما أخذ من العلم رأيا واستحسانا لم نقل فيه حلال ولا حرام والله أعلم. ا ه. محل الغرض منه.
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسيره، في الكلام على قوله تعالى: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هاذا حلال وهاذا حرام) *، ما نصه:
أسند الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا هارون عن حفص عن الأعمش قال: ما سمعت إبراهيم قط يقول: حلال ولا حرام ولكن كان يقول: كانوا يكرهون وكانوا يستحبون.
وقال ابن وهب:
قال مالك: لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام.
ولكن يقولون: إياكم وكذا وكذا. ولم أكن لأصنع هذا.
ومعنى هذا أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يكون البارىء تعالى بذلك عنه.
وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول:
إني أكره كذا.
وكذلك كان مالك يفعل اقتداء بمن تقدم من أهل الفتوى. ا ه. محل الغرض منه.
وإذا كان مالك وإبراهيم النخعي وغيرهما من أكابر أهل العلم لا يتجرؤون أن يقولوا في شيء من مسائل الاجتهاد والرأي: هذا حلال أو حرام.
فما ظنك بغيرهم من المقلدين الذين لم يستضيئوا بشيء من نور الوحي؟
فتجرؤهم على التحريم والتحليل بلا مستند من الكتاب إنما نشأ لهم من الجهل بكتاب الله وسنة رسوله، وآثار السلف الصالح.
وآية يونس المتقدمة صريحة فيما ذكرنا صراحة تغني عن كل ما سواها.
لأنه تعالى لما قال: * (فجعلتم منه حراما وحلالا) * أتبع ذلك بقوله * (قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون) *.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»