والفرق بين التقليد والاتباع أمر معروف عند أهل العلم، لا يكاد ينازع في صحة معناه أحد من أهل العلم.
وقد قدمنا كلام ابن خويز منداد الذي نقله عنه ابن عبد البر في جامعه.
وهو قوله: التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبت عليه حجة.
وقال في موضع آخر من كتابه:
كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح.
وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع. ا ه.
وقال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين:
وقد فرق الإمام أحمد رحمه الله بين التقليد والاتباع.
فقال أبو داود:
سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير. انتهى محل الغرض منه.
قال مقيده عفا الله عنه، وغفر له: أما كون العمل بالوحي اتباعا لا تقليدا فهو أمر قطعي.
والآيات الدالة على تسميته اتباعا كثيرة جدا:
كقوله تعالى: * (اتبعوا مآ أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليآء قليلا ما تذكرون) *.
وقوله تعالى: * (واتبعوا أحسن مآ أنزل إليكم من ربكم) *.
وقوله تعالى: * (قل إنمآ أتبع ما يوحى إلى من ربى هاذا بصآئر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) *.
وقوله تعالى: * (قل ما يكون لى أن أبدله من تلقآء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) *.
وقوله تعالى: * (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) *.