وقال عز وجل عائيا لأهل الكفر وذاما لهم: * (ما هاذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون قالوا وجدنآ ءابآءنا لها عابدين) *.
وقال * (وقالوا ربنآ إنآ أطعنا سادتنا وكبرآءنا فأضلونا السبيلا) *.
ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء.
وقد احتج العلماء بهذه الآيات، في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها، لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر.
وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجل فكفر وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة.
لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه.
وقال الله عز وجل: * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) *.
وقد ثبت الاحتجاج بما قدمنا في الباب هذا، وفي ثبوته إبطال التقليد أيضا.
فإذا بطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها، وهي الكتاب والسنة أو ما كان في معناهما بدليل جامع بين ذلك.
أخبرنا عبد الوارث ثم ساق السند إلى أن قال: حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة، قال وما هي يا رسول الله؟ قال: أخاف عليهم من زلة العالم، ومن حكم جائر، ومن هوى متبع).
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله). هذا لفظ أبي عمر في جامعه.
وكثير بن عبد الله المذكور في الإسناد ضعيف، وأبوه عبد الله مقبول.
ولكن المتنين المرويين بالإسناد المذكور كلاهما له شواهد كثيرة تدل على أن أصله صحيح.
ثم ذكر أبو عمر بن عبد البر في جامعه بإسناده عن زياد بن حدير عن عمر بن