أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٠٨
وروي عن حذيفة وغيره قالوا: (لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم).
وقال عدي بن حاتم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عنقي الصليب فقال لي: (يا عدي: ألق هذا الوثن من عنقك، فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * قال قلت يا رسول الله: إنا لم نتخذهم أربابا. قال بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟ فقلت بلى فقال: تلك عبادتهم).
حدثنا عبد الوارث بن سفيان ثم ساق السند إلى أن قال عن أبي البختري في قوله عز وجل: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * أما إنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكنهم أمروهم، فجعلوا حلال الله حرامه، وحرامه حلاله فأطاعوهم، فكانت تلك الربوبية.
قال وحدثنا ابن وضاح، ثم ساق السند إلى أن قال عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة في قوله: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * أكانوا يعبدونهم؟ فقال لا، ولكن كانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه.
وقال جل وعز: * (وكذلك مآ أرسلنا من قبلك فى قرية من نذير إلا قال مترفوهآ إنا وجدنآ ءابآءنا على أمة وإنا علىءاثارهم مقتدون قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه ءابآءكم) *.
فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء، فقالوا: * (إنا بمآ أرسلتم به كافرون) *.
وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عز وجل: * (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) *.
وقال: * (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الا سباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذالك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) *.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»