والتحقيق: أن التقليد منه ما هو جائز، ومنه ما ليس بجائز.
ومنه ما خالف فيه المتأخرون المتقدمين من الصحابة وغيرهم من القرون الثلاثة المفضلة.
وسنذكر كل الأقسام هنا إن شاء الله مع بيان الأدلة.
أما التقليد الجائز الذي لا يكاد يخالف فيه أحد من المسلمين فهو تقليد العامي عالما أهلا للفتيا في نازلة نزلت به، وهذا النوع من التقليد كان شائعا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلاف فيه.
فقد كان العامي، يسأل من شاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن حكم النازلة تنزل به فيفتيه فيعمل بفتياه.
وإذا نزلت به نازلة أخرى لم يرتبط بالصحابي الذي أفتاه أولا بل يسأل عنها من شاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعمل بفتياه.
قال صاحب نشر البنود في شرحه لقوله في مراقي السعود: قال صاحب نشر البنود في شرحه لقوله في مراقي السعود:
* رجوعه لغيره في آخر * يجوز للإجماع عند الأكثر * ما نصه: يعني أن العامي يجوز له عند الأكثر، الرجوع إلى قول غير المجتهد الذي استفتاه أولا في حكم آخر لإجماع الصحابة رضي الله عنهم، على أنه يسوغ للعامي السؤال لكل عالم، ولأن كل مسألة لها حكم نفسها.
فكما لم يتعين الأول للاتباع في المسألة الأولى إلا بعد سؤاله، فكذلك في المسألة الأخرى. قاله الحطاب شارح مختصر خليل.
قال القرافي: انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء من غير حجر.
وأجمع الصحابة على أن من استفتى أبا بكر وعمر وقلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما، ويعمل بقولهم بغير نكير.
فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل. ا ه. محل الغرض منه.
وما ذكره من انعقاد الإجماعين صحيح كما لا يخفى، فالأقوال المخالفة لهما من متأخري الأصوليين كلها مخالفة للإجماع.