أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥١٧
إليها رؤية موضعها من بدن المرأة؛ كالكحل والخطاب، ونحو ذلك.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين المذكورين عندي قول ابن مسعود رضي الله عنه: أن الزينة الظاهرة هي ما لا يستلزم النظر إليها رؤية شئ من بدن المرأة الأجنبية، وإنما قلنا إن هذا القول هو الأظهر؛ لأنه هو أحوط الأقوال، وأبعدها عن أسباب الفتنة، وأطهرها لقلوب الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها؛ كما هو معلوم والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي.
واعلم أن مسألة الحجاب وإيضاح كون الرجل لا يجوز له النظر إلى شئ من بدن الأجنبية، سواء كان الوجه والكفين أو غيرهما قد وعدنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك وغيرها من المواضع، بأننا سنوضح ذلك في سورة (الأحزاب)، في الكلام على آية الحجاب، وسنفي إن شاء الله تعالى بالوعد في ذلك بما يظهر به للمنصف ما ذكرنا.
واعلم أن الحديث الذي ذكرنا في كلام ابن كثير عند أبي داود، وهو حديث عائشة في دخول أسماء على النبي صلى الله عليه وسلم، في ثياب رقاق، وأنه قال لها: (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا)، وأشار إلى وجهه وكفيه، حديث ضعيف عند أهل العلم بالحديث؛ كما قدمنا عن ابن كثير أنه قال فيه: قال أبو داود، وأبو حاتم الرازي: هو مرسل، وخالد بن دريك لم يسمع من عائشة، والأمر كما قال، وعلى كل حال فسنبين هذه المسألة إن شاء الله بيانا شافيا مع مناقشة أدلة الجميع في سورة (الأحزاب)، ولذلك لم نطل الكلام فيها هاهنا.
تنبيه قد ذكرنا في كلام أهل العلم في الزينة أسماء كثير من أنواع من الزينة، ولعل بعض الناظرين في هذا الكتاب، لا يعرف معنى تلك الأنواع من الزينة، فأردنا أن نبينها هاهنا تكميلا للفائدة.
أما الكحل والخضاب فمعروفان، وأشهر أنواع خضاب النساء الحناء، والقرط ما يعلق في شحمة الأذن، ويجمع على قرطة كقردة، وقراط، وقروط، وأقراط، ومنه قول الشاعر:
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»