واختلف فيما يلزمه في ذلك المعجوز عنه، فلو نذر مثلا أن يحج، أو يعتمر ماشيا على رجليه، وهو عاجز عن المشي: جاز له الركوب لعجزه عن المشي، وإن قدر على المشي: لزمه.
وفي حالة ركوبه عند العجز اختلف العلماء فيما يلزمه فقال بعضهم: لا شيء عليه، لأنه عاجز والله يقول: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * فقد عجز عما نذر ولا يلزمه شيء غير ما نذر. وقال بعضهم: تلزمه كفارة يمين. وقال بعضهم: يلزمه صوم ثلاثة أيام. وقال بعضهم: تلزمه بدنة. وقال بعضهم: يلزمه هدي.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن من نذر المشي إلى بيت الله الحرام، لزمه الوفاء بنذره. وبهذا قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وابن المنذر، ولا نعلم فيه خلافا، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) ولا يجزئه المشي إلا في الحج أو العمرة. وبه يقول الشافعي. ولا أعلم فيه خلافا، وذلك لأن المشي المعهود في الشرع: هو المشي في حج أو عمرة، فإذا أطلق الناذر حمل على المعهود الشرعي. ويلزمه المشي فيه لنذره، فإن عجز عن المشي: ركب، وعليه كفارة يمين، وعن أحمد رواية أخرى: أنه يلزمه دم، وهو قول الشافعي. وأفتى به عطاء لما روى ابن عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت المشي إلى بيت الله الحرام، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب، وتهدي هديا. رواه أبو داود وفيه ضعف ولأنه أخل بواجب في الإحرام فلزمه هدي كتارك الإحرام من الميقات. وعن ابن عمر وابن الزبير قالا: يحج من قابل، بل ويركب ما مشي، ويمشي ما ركب ونحوه. قال ابن عباس وزاد فقال: ويهدي، وعن الحسن مثل الأقوال الثلاثة وعن النخعي روايتان: إحداهما: كقول ابن عمر والثانية: كقول ابن عباس، وهذا قول مالك. وقال أبو حنيفة: عليه هدي سواء عجز عن المشي، أو قدر عليه. وأقل الهدي: شاة، وقال الشافعي: لا يلزمه مع العجز كفارة بحال، إلا أن يكون النذر مشيا إلى بيت الله الحرام، فهل يلزمه هدي؟ فيه قولان. وأما غيره فلا يلزمه مع العجز شيء ا ه محل الغرض من المغني.
وإذا علمت أقوال أهل العلم: فيما يلزم من نذر شيئا، وعجز عنه، فهذه أدلة أقوالهم نقلناها ملخصة بواسطة نقل المجد في المنتقى، لأنه جمعها في محل واحد أما من قال: تلزمه كفارة يمين فقد احتج بما رواه أبو داود، وابن ماجة، عن ابن عباس رضي الله