المطلق الذي لم يسم صاحبه ما نذره، بل أطلقه والبيان يجوز بكل ما يزيد الإيهام، كما قدمناه مرارا، والمطلق يحمل على المقيد.
ومما يؤيد القول بلزوم الكفارة في نذر اللجاج: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم شرب العسل على نفسه في قصة ممالأة أزواجه عليه. وأنزل الله في ذلك: * (لم تحرم مآ أحل الله لك) * قال الله بعد ذلك: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) * فدل ذلك على لزوم كفارة اليمين، وكذلك قال ابن عباس وغيره: بلزوم كفارة اليمين، على القول بأنه حرم جاريته، والأقوال فيمن حرم زوجته، أو جاريته، أو شيئا من الحلال معروفة عند أهل العلم. فغير لزوجة والأمة لا يحرم بالتحريم قولا واحدا والخلاف في لزوم كفارة اليمين، وعدم لزومها، وظاهر الآية لزومها، وبعض العلماء يقول: لا يلزم فيه شيء وهو مذهب مالك وأصحابه، أما تحريم الرجل امرأته أو جاريته، ففيه لأهل العلم ما يزيد على ثلاثة عشر مذهبا معروفة في محلها، وأجراها على القياس في تحريم الزوجة لزوم كفارة الظهار، لأن من قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فهو بمثابة ما لو قال لها: أنت حرام، والظهار نص الله في كتابه، على أن فيه كفارته المنصوصة في سورة المجادلة.
أما نذر اللجاج فقد قدمنا القول، بأن فيه كفارة يمين، والمراد بنذر اللجاج النذر الذي يراد به الامتناع من أمر لا التقرب إلى الله.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه إذا أخرج النذر مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئا، أو يحث به على شيء مثل أن يقول: إن كلمت زيدا، فلله علي الحج أو صدقة مالي أو صوم سنة، فهذا يمين، حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه، فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث فيتخير بين فعل المنذور وبين كفارة يمين، ويسمى نذر اللجاج، والغضب، ولا يتعين الوفاء به، ثم قال: وهذا قول عمر وابن عباس، وابن عمر، وعائشة وحفصة، وزينب بنت أبي سلمة، وبه قال عطاء، وطاوس وعكرمة، والقاسم والحسن، وجابر بن زيد، والنخعي، وقتادة وعبد الله بن شريك، والشافعي، والعنبري وإسحاق وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال سعيد بن المسيب: لا شيء في الحلف بالحج، وعن الشعبي، والحارث العكلي وحماد والحكم: لا شيء في الحلف بصدقة ماله، لأن الكفارة إنما تلزم بالحلف بالله لحرمة الاسم، وهذا ما حلف باسم الله ولا يجب ما سماه، لأنه لم يخرجه مخرج القربة، وإنما التزمه على طريق