أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
واعلم: أن التحقيق أن فقراء الحرم هم الموجودون فيه وقت نحر الهدايا منى الآفاقيين، وحاضري المسجد الحرام، فإن ذبح في موضع فيه فقراء، وخلى بينهم وبين الذبيحة أجزأه ذلك لأنه يسر لهم الأكل منها بطريق لا كلفة عليهم فيها، فكأنه أطعمهم بالفعل، والعلم عند الله تعالى.
ومعلوم أن المتمتع إذا لم يجد هديا أنه ينتقل إلى الصوم كما قال تعالى * (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) *.
وأظهر قولي أهل العلم عندي أن معنى قوله في الحج: أي في حالة التلبس بإحرام الحج، لأن الظاهر من اسم الحج هو الدخول في نفس الحج، وذلك بالإحرام وقال بعض أهل العلم: المراد بالحج أشهره، واستدل بقوله تعالى * (الحج أشهر معلومات) * ولا دليل في الآية عندي، لأن الكلام على حذف مضاف: أي زمن الحج أشهر معلومات. وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أسلوب عربي كما أشار له في الخلاصة بقوله: الحج أشهر معلومات) * ولا دليل في الآية عندي، لأن الكلام على حذف مضاف: أي زمن الحج أشهر معلومات. وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أسلوب عربي كما أشار له في الخلاصة بقوله:
* وما يلي المضاف يأتي خلفا * عنه في الإعراب إذا ما حذفا * وعليه فينبغي أن يحرم بحجه، قبل يوم التروية ليتم الثلاثة. قبل يوم النحر لأن صومه لا يجوز. وكره بعض أهل العلم للحاج صوم يوم عرفة، واستحب أن يفرغ من صوم الثلاثة قبله، وجزم به صاحب المهذب والتحقيق: أن السبعة إنما يصومها بعد الرجوع إلى أهله، ووصوله إلى بلده، وأنه ليس المراد أنه يصومها في طريقه في رجوعه. وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر: أن المراد الرجوع إلى أهله وهو ظاهر القرآن. فلا يجوز العدول عنه. والظاهر أن الأيام الثلاثة والأيام السبعة: لا يجب التتابع في واحد منهما، لعدم الدليل على ذلك قال في المغني: ولا نعلم فيه خلافا، وإن فاته صومها قبل يوم النحر، فهل يجوز له أن يصوم أيام التشريق الثلاثة ؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين:
أحدهما: أنه لا يجوز صوم أيام التشريق للمتمتع.
والثاني: يجوز له صومها، وفيها قول ثالث: أنها يجوز صومها مطلقا، ولا يخفى بعد هذا القول وسقوطه. أما حجة من قال: إنها لا يجوز صومها للمتمتع، ولا غيره فهو ما رواه مسلم في صحيحه. وحدثنا سريج بن يونس، حدثنا هشيم، أخبرنا خالد، عن أبي المليح،
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»