أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٣٥
وكون اللحم رد ليطبخه من وقع في سهمه مرة أخرى، غير ظاهر عندي والله أعلم.
وحديث رافع المذكور: أخرجه أيضا مسلم في كتاب: الصيد والذبائح، ولفظ المراد منه عن رافع قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة فأصبنا غنما وإبلا فعجل القوم فأغلوا بها القدور فأمر بها فكفئت، ثم عدل عشرا من الغنم بجزور).
والحاصل: أن أخص شيء في محل النزاع وأصرحه فيه، وأوضحه فيه حديث جابر، الذي ذكرنا روايته عند مسلم. أما حديث رافع، فهو في قسمة الغنيمة لا في الهدي. وأما حديث ابن عباس، فظاهره أنه في الضحايا، وعلى كل حال: فحديث جابر أصح منه، فالذي يظهر أن المتمتع يكفيه سبع بدنة، وأن النص الصريح الوارد بذلك ينبغي تقديمه، على أنه يكفيه عشر بدنة، وقد رأيت أدلة القولين. والعلم عند الله تعالى.
فإذا علمت أقوال أهل العلم في تعيين القدر المجزىء في هدي التمتع، والقران، وأن أظهر الأقوال: أن أقله شاة، أو سبع بدنة أو بقرة، وأن إجزاء البدنة الكاملة، لا نزاع فيه.
فاعلم: أن أهل العلم اختلفوا في وقت وجوبه، ووقت نحره، وهذه تفاصيل أقوالهم وأدلتها، وما يرجحه الدليل منها.
أما مذهب مالك فالتحقيق فيه: أن هدي التمتع والقران لا يجب وجوبا تاما إلا يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة، لأن ذبحه في ذلك الوقت هو الذي فعله صلى الله عليه وسلم، وقال (لتأخذوا عني مناسككم) ولذا لو مات المتمتع يوم النحر، قبل رمي جمرة العقبة، لا يلزم إخراج هدي التمتع من تركته، لأنه لم يتم وجوبه، وهذا هو الصحيح المشهور في مذهب مالك، وقد كنت قلت في نظمي في فروع مالك، وفي الفرائض على مقتضى مذهبه في الكلام على ما يخرج من تركة الميت، قبل ميراث الورثة بعد أن ذكرت قضاء ديونه:، وقال (لتأخذوا عني مناسككم) ولذا لو مات المتمتع يوم النحر، قبل رمي جمرة العقبة، لا يلزم إخراج هدي التمتع من تركته، لأنه لم يتم وجوبه، وهذا هو الصحيح المشهور في مذهب مالك، وقد كنت قلت في نظمي في فروع مالك، وفي الفرائض على مقتضى مذهبه في الكلام على ما يخرج من تركة الميت، قبل ميراث الورثة بعد أن ذكرت قضاء ديونه:
* وأتبعن دينه بهدي * تمتع إن مات بعد الرمي * واعلم: أن قول من قال من المالكية: إنه يجب بإحرام الحج، وأنه يجزئ قبله كما هو ظاهر قول خليل في مختصره المالكي الذي قال في ترجمته مبينا لما به الفتوى: ودم التمتع يجب بإحرام الحج، وأجزأ قبله، قد اغتر به بعض من لا تحقيق عنده بالمذهب المالكي، والتحقيق أن الوجوب عندهم برمي جمرة العقبة، وبه جزم ابن رشد وابن العربي، وصاحب
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»