خيوان بن خالد: أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفف النمور؟ قالوا: اللهم نعم. قال: وأنا أشهد قال: أتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ قالوا: اللهم لا، قال: والله إنها لمعهن وكذلك رواه حماد بن سلمة والأشعث بن بزاز عن قتادة، وحماد بن سلمة في حديثه، ولكنكم نسيتم ورواه مطر الوراق، عن أبي شيخ في متعة الحج انتهى من البيهقي.
وقد ذكر النووي في شرح المهذب، عن البيهقي: أنه ذكر بإسناده الحديثين الذين سقناهما عنه آنفا، ثم قال في الأول منهما: ورواه أبو داود في سننه. وقد اختلفوا في سماع سعيد بن المسيب عن عمر، لكنه لم يرو هنا عن عمر، بل عن صحابي غير مسمى والصحابة كلهم عدول.
ثم قال في الثاني منهما: رواه البيهقي بإسناد حسن انتهى.
وقال أبو داود رحمه الله في سننه: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا حيوة، أخبرني أبو عيسى الخراساني، عن عبد الله بن القاسم، عن سعيد بن المسيب: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب، فشهد عنده: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهي عن العمرة قبل الحج.
حدثنا موسى أبو سلمة ثنا حماد، عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي خيوان بن خلدة ممن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهل البصرة: أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كذا وكذا، وعن ركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما إنها معهن، ولكنكم نسيتم. انتهى منه.
الأمر الرابع: من الأمور التي استدل بها القائلون: بأفضلية الإفراد على غيره، أنه هو الذي كان الخلفاء الراشدون يفعلونه بعده صلى الله عليه وسلم، وهم أفضل الناس وأتقاهم، وأشدهم اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس مفردا، وحج عمر بن الخطاب عشر سنين بالناس مفردا، وحج عثمان رضي الله عنه بهم مدة خلافته مفردا قالوا: فمدة هؤلاء الخلفاء الراشدين الثلاثة حول أربع وعشرين سنة وهم يحجون بالناس مفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره، لما واظبوا عليه هذه المدة الطويلة.