وقال أيضا في شرح مسلم: وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة:
وقال ابن قدامة في المغني: وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام، بأي الأنساك الثلاثة شاء. واختلفوا في أفضلها.
وفي رواية في الصحيح عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل، قالت عائشة رضي الله عنها: فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج وأهل به ناس معه، وأهل ناس بالعمرة والحج، وأهل ناس بعمرة، وكنت فيمن أهل بالعمرة) هذا لفظ مسلم في صحيحه: وهو صريح في جواز الثلاثة المذكورة.
وبه تعلم أن ادعاء بعض المعاصرين أن إفراد الحج ممنع مخالف لما صح باتفاق مسلم والبخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأطبق عليه جماهير أهل العلم. وحكى غير واحد عليه الإجماع، وسنذكر إن شاء الله كلام أهل العلم في التفضيل بينها مع مناقشة الأدلة.
المسألة الثالثة: اعلم أن ممن قال: إن الأفراد أفضل من التمتع والقران: مالك، وأصحابه، والشافعي في الصحيح من مذهبه وأصحابه.
قال النووي: في شرح المهذب: وبه قال عمر بن الخطاب، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وجابر، وعائشة، ومالك، والأوزاعي، وأبو ثور، وداود. واحتج من قال: بتفضيل إفراد للحج على غيره بأدلة متعددة.
الأول: أحاديث صحيحة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه أفرد في حجة الوداع من رواية جابر، عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم وغيرهم. أما حديث عائشة فقد ذكرناه آنفا.
قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج الحديث. هذا لفظ البخاري، ومسلم، وهو صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج. ولا يحتمل لفظ عائشة هذا غير إفراد الحج لأنها ذكرت معه التمتع والقران، وأن بعض الناس تمتع وبعضهم قرن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج فهو الحج المفرد، ولا يحتمل غيره.
وفي رواية في الصحيح عنها رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم