مباحا.
وإنما رخص صلى الله عليه وسلم في كلب الصيد والزرع والماشية للضرورة. فمن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط ومنه أيضا ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث سفيان بن أبي زهير الشنائي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اقتنى كلبا لا يغنى عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط ورواه البخاري عن ابن عمر بثلاث طرق بلفظ نقص كل يوم من عمله قيراطان وأخرجه مسلم أيضا عن ابن عمر من طرق: في بعضها قيراط وفي بعضها قيراطان.
والأحاديث في الباب كثيرة وهذا أوضح دليل على أن الكلب لا يجوز أكله إذ لو جاز أكله لجاز اقتناؤه للأكل وهو ظاهر ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن المغفل رضي الله عنهم. من أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ولو كانت مباحة الأكل لما أمر بقتلها ولم يرخص صلى الله عليه وسلم فيها إلا لضرورة الصيد أو الزرع أو الماشية.
وإذا عرفت أن في كلب الصيد وما ذكر معه بعض المنافع المباحة كالانتفاع بصيده أو حراسته الماشية أو الزرع فاعلم أن العلماء اختلفوا في بيعه.
فمنهم من قال: بيعه تابع للحمه ولحمه حرام فبيعه حرام وهذا هو أظهر الأقوال دليلا لما قدمنا من أن ثمن الكلب خبيث وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه مقرونا بحلوان الكاهن ومهر البغي وهو نص صحيح صريح في منع بيعه.
ويؤيده ما رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وقال: إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا.
قال النووي في (شرح المهذب): وابن حجر في (الفتح): إسناده صحيح وروى أبو داود أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا: لا يحل ثمن الكلب ولا حلوان الكاهن ولا مهر البغي. قال ابن حجر في (الفتح): إسناده حسن وقال النووي في (شرح المهذب): إسناده حسن صحيح.