والعنب بدليل إجماع القائلين بالنصاب في الثمار. على أن خمسة الأوسق التي هي النصاب لا تعتبر من الرطب ولا من العنب فمن كان عنده خمسة أوسق من الرطب أو العنب ولكنها إذا جفت نقصت عن خمسة أوسق فلا زكاة عليه. لأن النصاب معتبر من التمر والزبيب اليابسين فلو أخرج الزكاة من الرطب أو العنب لكان مخرجا من غير ما تجب في عينه الزكاة كما ترى ويدل له ما ذكره الزرقاني في شرح الموطأ فإنه قال فيه في شرح قول مالك. ثم يؤدون الزكاة على ما خرص عليهم ما نصه ومبنى التخريص أن يحزر ما في النخل أو العنب من التمر اليابس إذ جذ على حسب جنسه وما علم من حاله أنه يصير إليه عند الإتمار. لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمرا. انتهى محل الفرض منه بلفظه.
وقد تقرر عند جماهير العلماء أن لفظة إنما للحصر وهو الحق. فقول الزرقاني لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمرا معناه حصر أخذ زكاة النخل في خصوص التمر دون غيره من رطب ونحوه معللا بذلك اعتبار النصاب من التمر اليابس. لأن الإخراج مما تجب في عينه الزكاة من الثمار والحبوب وهو واضح ولا يرد على ما ذكرناه أن وقت وجوب الزكاة: هو وقت طيب الثمر قبل أن يكون يابسا لإجماع العلماء على أنه لا يجب إخراجها بالفعل إلا بعد أن يصير تمرا يابسا ولإجماعهم أيضا على أنه إن أصابته جائحة اعتبرت فتسقط زكاة ما أجيح كما تسقط زكاة الكل إن لم يبق منه نصاب. وسيأتي له زيادة إيضاح.
الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذها تمرا بعد الجذاذ لا بلحا ولا رطبا والله جل وعلا يقول: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * ويقول: * (ومآ آتاكم الرسول فخذوه) * ويقول: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * ويقول: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) * إلى غير ذلك من الآيات.
قال البخاري في صحيحه: باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس الصدقة حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدي. حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالتمر عند صرام النخل فيجئ هذا بتمره وهذا من تمره حتى يصير عنده كوما من تمر فجعل الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجها من فيه. فقال: أما