فالظاهر أنه تسقط عنه زكاة ما نقصت به وإن ادعى غلط الخارص.
فقد قال بعض أهل العلم: لم تقبل دعواه لأن الخارص أمين وقال بعض العلماء: تقبل دعواه غلط الخارص إذا كانت مشبهة أما إذا كانت بعيدة كدعواه زيادة النصف أو الثلثين فلا يقبل قوله في الجميع وهذا التفصيل هو مذهب الشافعي وأحمد إلا أن بعض الشافعية قال يسقط عنه من الكثير الذي ادعى قدر النقص الذي تقبل دعواه فيه وأما إن ادعى أن الخارص جار عليه عمدا فلا تقبل دعواه عليه بلا خلاف كما لو ادعى جور الحاكم أو كذب الشاهد وكذا إذا ادعى أنه غلط في الخرص ولم يبين قدر ما زاد لم يقبل منه نص عليه علماء الشافعية وإن ادعى رب الثمر أنه أصابته جائحة أذهبت بعضه فالظاهر تصديقه فيما يشبه قوله كما لو ادعى أن بعضه سرق بالليل مثلا قيل بيمين.
وقيل: لا وإن أضاف هلاك الثمرة إلى سبب يكذبه الحس كأنه يقول هلكت بحريق وقع في الجرين في وقت كذا وعلمنا أنه لم يحترق في ذلك الوقت لم يلتفت إلى كلامه فإن علم وقوع السبب الذي ذكر وعموم أثره صدق بلا يمين وإن اتهم حلف قيل: وجوبا وقيل: استحبابا وإن لم يعرف عدم السبب المذكور ولا وجوده فالصحيح أنه يكلف بالبينة على وجود أصل السبب ثم القول قوله في الهلاك به وهذا التفصيل الأخير للشافعية ذكره النووي في شرح المهذب ووجهه ظاهر والله تعالى أعلم.
وجمهور العلماء على أنه لا يخرص غير التمر والزبيب فلا يخرص الزيتون والزرع ولا غيرهما وأجازه بعض العلماء في الزيتون وأجازه بعضهم في سائر الحبوب. والصحيح أنه لا يجوز إلا في التمر والعنب لثلاثة أمور:
الأول: أن النص الدال على الخرص لم يرد إلا فيهما كما تقدم في حديث عتاب بن أسيد وغيره من الأحاديث.
الثاني: أن غيرهما ليس في معناهما لأن الحاجة تدعوا غالبا إلى أكل الرطب قبل أن يكون تمرا والعنب قبل أن يكون زبيبا وليس غيرهما كذلك الثالث: أن ثمرة النخل ظاهرة مجتمعة في عذوقها والعنب ظاهر أيضا مجتمع في عناقيده فحزرهما ممكن بخلاف غيرهما من الحبوب فإنه متفرق في شجره والزرع مستتر في سنبله.