أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٣٠
فأخذهما فركب فشد على الحمار فعقره ثم جاء به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فأدركوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقررهم على أكله وناوله أبو قتادة عضد الحمار الوحشي فأكل منها صلى الله عليه وسلم ولمسلم هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء قالوا: لا قال: فكلوه.
وللبخاري هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا: لا قال: فكلوا ما بقي من لحمها وقد أجمع جميع العلماء على أن ما صاده محرم لا يجوز أكله للمحرم الذي صاده ولا لمحرم غيره ولا لحلال غير محرم لأنه ميتة.
واختلف العلماء في أكل المحرم مما صاده حلال على ثلاثة أقوال قيل: لا يجوز له الأكل مطلقا وقيل: يجوز مطلقا وقيل: بالتفصيل بين ما صاده لأجله وما صاده لا لأجله فيمنع الأول دون الثاني.
واحتج أهل القول الأول بحديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أبو بودان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم متفق عليه ولأحمد ومسلم لحم حمار وحشي.
واحتجوا أيضا بحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي له عضو من لحم صيد فرده وقال: إنا لا نأكله إنا حرم أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
واحتجوا أيضا بعموم قوله تعالى: * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * ويروى هذا القول عن علي وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق وعائشة وغيرهم.
واحتج من قال: بجواز أكل المحرم ما صاده الحلال مطلقا بعموم الأحاديث الواردة بجواز أكل المحرم من صيد الحلال كحديث طلحة بن عبيد الله عند مسلم والإمام أحمد أنه كان في قوم محرمين فأهدي لهم طير وطلحة راقد فمنهم من أكل ومنهم من تورع فلم يأكل فلما استيقظ طلحة رضي الله عنه وافق من أكله وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكحديث البهزي واسمه زيد بن كعب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم في حمار وحشي عقير
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»