أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
المغني ووجه هذا القول عند القائل به أنه فعل ما حلف لا يفعل عمدا فلما كان عامدا للفعل الذي هو سبب الحنث لم يعذر بنسيانه اليمين ولا يخفى عدم ظهوره الثالث: وذهب قوم إلى الفرق بين الطلاق والعتق وبين غيرهما فلا يعذر بالنسيان في الطلاق والعتق ويعذر به في غيرهما وهذا هو ظاهر مذهب الإمام أحمد كما قاله صاحب المغني قال: واختاره الخلال وصاحبه وهو قول أبي عبيد.
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا القول الأخير له وجه من النظر لأن في الطلاق والعتق حقا لله وحقا للآدمي والحالف يمكن أن يكون متعمدا في نفس الأمر ويدعي النسيان لأن العمد من القصود الكامنة التي لا تظهر حقيقتها للناس فلو عذر بادعاء النسيان لأمكن تأدية ذلك إلى ضياع حقوق الآدميين والعلم عند الله تعالى. * * المسألة الخامسة: إذا حلف لا يفعل أمرا من المعروف كالإصلاح بين الناس ونحوه فليس له الامتناع من ذلك والتعلل باليمين بل عليه أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير لقوله تعالى: * (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) * أي لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ونظير الآية قوله تعالى في حلف أبي بكر رضي الله عنه ألا ينفق على مسطح لما قال في عائشة رضي الله عنها ما قال: * (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) *.
وقوله صلى الله عليه وسلم: والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه متفق عليه من حديث أبي هريرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها متفق عليه أيضا من حديث أبي موسى.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمان بن سمرة: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك متفق عليه أيضا والأحاديث في الباب كثيرة. وهذا هو الحق في المسألة خلافا لمن قال
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»