الأصل الموؤدة كقراءة الجمهور فنقل حركة الهمزة إلى الواو قبلها وحذفت ثم همزت تلك الواو قبلها وحذفت ثم همزت تلك الواو واحتمل أن يكون اسم مفعول من آد والأصل المأوودة فحذف أحد الواوين فصارت الموودة كما حذف من مقوول فصار مقولا وقرىء الموودة بضم الأولى وتسهيل الهمزة أعني التسهيل بحذفها ونقل حركتها إلى ما قبلها وفي " مجمع البيان " والعهدة عليه روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنهم قرؤا المودة بفتح الميم والواو والمراد بها الرحم والقرابة وعن أبي جعفر قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ويراد بقتلها قطعها أو هو على حقيقته والإسناد مجازي والمراد قتل المتصف بها وتوجيه السئال إلى الموؤدة في قوله تعالى: * (سئلت) *.
* (بأى ذنب قتلت) * * (بأي ذنب قتلت) * دون الوائد مع أن الذنب له دونها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته فإن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثا للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه فيرى براءة ساحته وأنه هو المستحق للعتاب والعقاب وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض كما في قوله تعالى * (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين) * وقرأ أبي وابن مسعود والربيع بن خيثم وابن يعمر سألت أي خاصمت أو سألت الله تعالى أو قاتلها وإنما قيل قتلت لما أن الكلام أخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب ولا حكاية لكلامها حين سألت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وقد قرأ كذلك علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وابن مسعود أيضا وجابر بن يزيد وأبو الضحى ومجاهد وقرأ الحسن والأعرج سيلت بكسر السين وذلك على لغة من قال سال بغير همز وقرأ أبو جعفر بشد الياء لأن الموؤدة اسم جنس فناسب التكثير باعتبار الأشخاص وفي الآية دليل على عظم جناية الوأد وقد أخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعتق عن كل واحدة رقبة قال: إني صاحب إبل قال فاهد عن كل واحدة بدنة وكان الأمر للندب لا للوجوب لتوقف صحة التوبة عليه فإن الإسلام يجب ما قبله من مثل ذلك وفيه تعظيم أمر الوأد وكان من العرب من يستقبحه كصعصعة بن ناجية المجاشعي جد الفرزدق كان يفتدي الموؤدات من قومه بني تميم وبه افتخر الفرزدق في قوله: وجدي الذي منع الوائدات * فأحيا الوئيد فلم تفتد وأخرج الطبراني عنه قال قلت يا رسول الله إني عملت أعمالا في الجاهلية فهل فيها من أجر أحييت ثلثمائة وستين من الموؤدة اشترى كل واحد منهن بناقتين عشراوين وجمل فهل في ذلك من أجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لك أجره إذ من الله تعالى عليك بالإسلام وعد من الواد العزل لما أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني وابن مردويه عن خذامة بنت وهب قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال ذلك الوأد الخفي ومن هنا قيل بحرمته وأنت تعلم أن المسألة خلافية فقد قال الإمام النووي في شرح " صحيح مسلم " العزل وهو أن يجامع فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج مكروه عندنا في كل حال وكل امرأة سواء رضيت أم لا لأنه طريق إلى قطع النسل وأما التحريم فقد قال أصحابنا يعني الشافعية لا يحرم في مملوكته ولا في زوجته الأمة سواء رضيت أم لا لأن عليه ضررا في مملوكته بمصيرها أم ولد وامتناع بيعها وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقا تبعا لأمه وأما زوجته الحرة فإن أذنت فيه لم يحرم وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم ثم الأحاديث التي ظاهرها التعارض في هذا المطلب يجمع بينها بأن ما ورد منها في النهي محمول على كراهة التنزيه وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام وليس