وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف وأخرج أبو عبيد في فضائله من مرسل الحسن أنها تعدل بنصف القرآن وأخرج ذلك محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا ولم أقف على سره ولما ذكر سبحانه فيما قبلها الجزاء على الخير والشر أتبع ذلك فيها بتعنيت من آثر دنياه على آخرته ولم يستعد لها بفعل الخير ولا يخفى ما في قوله تعالى هناك: * (وأخرجت الأرض أثقالها) * وقوله سبحانه هنا: * (إذا بعثر ما في القبور) * من المناسبة والعلاقة على ما سمعت من أن المراد بالأثقال ما في جوفها من الأموات أو ما يعمهم والكنوز.
* (والعاديات ضبحا) * * (والعاديات) * الجمهور على أنه قسم لخيل الغزاة في سبيل الله تعالى التي تعدو أي تجري بسرعة نحو العدو واصل العاديات العادوات بالواو فقلت ياء لانكسار ما قبلها وقوله تعالى: * (ضبحا) * مصدر منصوب بفعله المحذوف أي تضبح أو يضبحن ضبحا والجملة في موضع الحال وضبحها صوت أنفاسها عند عدوها وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس الخيل إذا عدت قالت اح اح فذلك ضبحها وأخرج ابن جرير عن علي كرم الله تعالى وجهه الضبح من الخيل الحمحمة ومن الإبل التنفس وفي " البحر " تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا رغاء ولا نباح بل هو غير الصوت المعتاد من صوت الحيوان الذي ينسب هو إليه وعن ابن عباس ليس يضبح من الحيوان غير الخيل والكلاب ولا يصح عنه فإن العرب استعملت الضبح في الإبل والأسود من الحيات والبوم والأرنب والثعلب وربما تسنده إلى القوس أنشد أبو حنيفة في صفتها: حنانة من نشم أو تالب * تضبح في الكف ضباح الثعلب وذكر بعضهم أن أصله للثعلب فاستعير للخيل كما في قول عنترة: والخيل تكدح حين تض * بح في حياض الموت ضبحا وإنه من ضبحته النار غيرت لونه ولم تبالغ فيه ويقال الضبح لونه تغير إلى السواد قليلا وقال أبو عبيدة الضبح وكذا الضبع بمعنى العدو الشديد وعليه قيل إنه مفعول مطلق للعاديات وليس هناك فعل مقدر وجوز على تفسيره بما تقدم أن يكون نصبا على المصدرية به أيضا لكن باعتبار أن العدو مستلزم للضبح فهو في قوة فعل الضبح ويجوز أن يكون نصبا على الحال مؤولا باسم الفاعل بناء على أن الأصل فيها أن تكون غير جامدة أي والعاديات ضابحات.
* (فالموريات قدحا) * * (فالموريات قدحا) * الإيراء إخراج النار والقدح هو الضرب والصك المعروف يقال قدح فأوري إذا أخرج النار وقدح فاصلد إذا قدح ولم يخرجها والمراد بها الخيل أيضا أي فالتي توري النار من صدم حوافرها للحجارة وتسمى تلك النار نار الحباحب وهو اسم رجل بخيل كان لا يوقد إلا نارا ضعيفة مخافة الضيفان فضربوا بها المثل حتى قالوا ذلك لما تقدحه الخيل بحوافرها والإبل بإخفافها وانتصاب قدحا كانتصاب ضبحا على ما تقدم وجوز كونه على التمييز المحول عن الفاعل أي فالموري قدحها ولعله أميز وأبعد عن القدح وعن قتادة الموريات مجاز في الخيل توري نار الحرب وتوقدها وهو خلاف الظاهر.
* (فالمغيرات صبحا) * * (فالمغيرات) * من أغار على العدو هجم عليه بغتة بخيله لنهب أو قتل أو اسار فالإغارة صفة أصحاب الخيل وإسنادها إليها إما بالتجوز فيه أو بتقدير المضاف والأصل فالمغير أصحابها أي فالتي يغير أصحابها العدو عليها وقيل بسببها * (صبحا) * أي في وقت الصبح فهو نصب على الظرفية وذلك هو المعتاد في الغارات كانوا يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ويهجمون صباحا ليروا ما يأتون وما يذرون وكانوا يتحمسون بذلك ومنه قوله: