تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٠٨
القرآن فقرأ عليه الصلاة والسلام لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب فقرأ فيها ولو أن ابن آدم سأل وديا من مال فاعطيه يسأل ثانيا ولو سأل ثانيا فاعطيه يسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب وان الدين عند الله الحنيفية غير الشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل ذلك فلن يكفره وفي بعض الآثار أن النبي صلى الله عليه وسلم اقرأه هكذا ما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة أن أقوم الدين لحنيفية مسلمة غير مشركة ولا يهودية ولا نصرانية ومن يعمل صالحا فلن يكفره وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية ما كان الناس إلا أمة واحدة ثم أرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين يأمرن الناس يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويعبدون الله وحده أولئك عند الله خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه أخرج ذلك ابن مردويه عن أبي رضي الله تعالى عنه وهو مخالف لما صح عنه فلا يعول عليه كما لا يخفى على العارف بعلم الحديث.
سورة الزلزلة ويقال سورة إذا زلزلت وهي مكية في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ومدنية في قول قتادة ومقاتل واستدل له في الاتقان بما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال لما نزلت فمن يعمل مثقال ذرة الخ قلت يا رسول الله إني لراء عملي قال نعم قلت تلك الكبار الكبار قال نعم قلت الصغار قال نعم قلت واثكل أمي قال أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها الحديث وأبو سعيد لم يكن إلا بالمدينة ولم يبلغ إلا بعد أحد وآيها ثمان في الكوفي والمدني الأول وتسع في الباقية وصحح في حديث الترمذي والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا إذا زلزلت تعدل نصف القرآن وجاء في حديث آخر تسميتها ربعا ووجه ما في الأول بأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذا السورة تشتمل على أحكام الآخرة اجمالا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وبحديث الأخبار وما في الآخر بأن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بهذا المقام وكأنه لما ذكر عز وجل في السورة السابقة جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين كان ذلك كالمحرك للسؤال عن وقته فبينه جل شأنه في هذه السورة فقال عز من قائل:
* (إذا زلزلت الارض زلزالها) * * (إذا زلزلت الأرض) * أي حركت تحريكا عنيفا متداركا متكررا * (زلزالها) * أي الزلزال المخصوص بها الذي تقتضيه بحسب المشيئة الإلهية المبنية على الحكم البالغة وهو الزلزال الشديد الذي ليس بعده زلزال فكان ما سواه ليس زلزالا بالنسبة إليه أو زلزالها العجيب الذي لا يقادر قدره فالإضافة على الوجهين للعهود ويجوز أن يراد الاستغراق لأن زلزالا مصدر مضاف فيعم أي زلزالها كله وهو استغراق عرفي قصد به المبالغة وهو مراد من قال أي زلزالها الداخل في حيز الإمكان أو عني بذلك العهد أيضا وقرأ الجحدري وعيسى زلزالها بفتح الزاي وهو عند ابن عطية مصدر كالزلزال بالكسر وقال الزمخشري المكسور مصدر والمفتوح
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»