تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ١٤٧
مشربها من عين الشريعة وقيل غير ذلك والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
سورة الليل لا خلاف في أنها إحدى وعشرون آية واختلف في مكيتها ومدنيتها فالجمهور على نها مكية وقال علي بن أبي طلحة مدنية وقيل بعضها مكي وبعضها مدني وكذا اختلف في سبب نزولها فالجمهور على أنها نزلت في شأن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وروي ذلك بايانيد صحيحة عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما وقال السدى أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري وذلك أنه كان في دار منافق نخلة يقع منها في دار يتامى في جواره بعض بلح فيأخذه منهم فقال له صلى الله عليه وسلم دعها لهم ولك بدلها محل في الجنة فأبى فاشتراها أبو الدحداح بحائطها فقال للنبي صلى الله عليه وسلم أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم افعل فوهبها فنزلت وروي نحوه مطولا مهما فيه أبو الدحداح ابن أبي حاتم عن ابن عباس بسند ضعيف كما نص عليه الحفظ السيوطي وذكر بعضهم أن قوله تعالى فيها وسيجنبها الأتقي الخ نزل في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وسكت عما عداه ونقل عن بعض اتلمفسرين إن هذا مجمع عليه وان زعم بعض الشيعة أنه نزل في الأمير كرم الله تعالى وجهه وسيأتي إن شاء الله تعالى شرح ما له نزل ولما ذكر سبحانه فيما قبلها قد أفلح الخ ذكر سبحانه فيها من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما يحصل به لخيبة ففيها نوع تفصيل لذلك لا سيما وقد عقب جل وعلا ذلك بشيء من أنواع الفلاح وأنواع الخيبة والعياذ بالله تعالى فقال عز من قائل.
* (واليل إذا يغشى) *.
* (والليل إذا يغشى) * أي حين يغشى الشمس كقوله تعالى والليل إذا يغشاها أو النهار كقوله تعالى يغشى الليل النهار أو كل ما يواريه في الجملة بظلامه والمقسم به في الأوجه الثلاث الليل كله.
* (والنهار إذا تجلى) * * (والنهار إذا تجلى) * ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين وانكشف بطلوع الشمس والأول على تقدير كون المغشى النهار أو كل ما يواري إذ مآلهما اعتبار وجود الظلام والثاني على تقدير كونه الشمس إذ ما له اعتبار غروبها فيحسن التقابل بين القرينتين على ذلك واختلاف الفعليه مضيا واستقبالا قد تقدم الكلام فيه وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير تتجلى بتائين على أن الضمير للشمس وقرىء تجلى بضم التاء وسكون الجيم على أن الضمير لها أيضا.
* (وما خلق الذكر والانثى) * * (وما خلق الذكر والأنثى) * أي والقادر العظيم القدرة الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من الحيوان المتصف بذلك وقيل من بني آدم وقال ابن عباس والحسن والكلبي المراد بالذكر آدم عليه السلام وبالأنثى حواء رضي الله تعالى عنها وأيا ما كان فما موصولة بمعنى من واو ثرت عليها لإرادة الوصفية على ما سمعت وتحتمل المصدرية وليس بذاك وقرىء والذي خلق وقرأ ابن مسعود والذكر والأنثى وتبعه ابن عباس كما أخرج ذلك ابن انلجار في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عنه ونسبت لعلي كرم الله تعالى وجهه وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه فقال له أبو الدرداء فمن أنت فقال من أهل الكوفة قال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ والليل إذا يغشى قال علقمة والذكر والأنثى فقال أبو الدرداء أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء يريدوني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى والله لا أتابعهم وأنت تعلم أن هذه قراءة شاذة منقولة آحادا لا تجوز القراءة بها لكنها بالنسبة إلى من سمعها من النبي عليه الصلاة والسلام في حكم المتواترة تجوز قراءته بها وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ وما خلق الذكر بجر الراء وحكاها الزمخشري عن الكسائي وخرجوا ذلك على البدل من
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»