وقيل: يعلم ذلك فيجازى التائب ويتجاوز عن غيره إذا شاء سبحانه والأول أظهر. وفي " الكشاف " يعلم سبحانه ذلك فيثيب على الحسنات ويعاقب على السيئات. وفي " الكشف " بعد نقله هو أي قوله تعالى: * (ويعلم) * الخ تذييل للكلام السابق يؤكد ما ذكره من القبول والعفو لأنه تعالى إذا علم العملين والعاملين جازى كلا بما فعل فأولى أن يجازي هؤلاء المحسنين بأفعالهم، ثم فيه لطف وحث على لزوم الحذر منه تعالى والإخلاص له سبحانه في إمحاض التوبة، ونحن أيضا لا ننكر أنه تذييل فيه تأكيد كما لا يخفى.
* (ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد) *.
* (ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) * عطف على * (يقبل التوبة) * فالفاعل ضميره تعالى و * (الذين) * مفعول بدون تقدير شيء بناء على أن * (يستجيب) * يتعدى بنفسه كما يتعدى باللام نحو شكرته وشكرت له أو بتقدير اللام على أنه من باب الحذف والإيصال والأصل يستجيب للذين آمنوا بناء على أنه يتعدى للداعي باللام وللدعاء بنفسه ونحو هذا قوله: وداع دعايا من يجيب إلى الندى * فلم يستجبه عند ذاك مجيب وأجاب واستجاب بمعنى أي ويجيب الله تعالى الذين آمنوا إذا دعوا وحاصله يجيب دعاءهم، وجوز بعضهم أن يكون الكلام بتقدير هذا المضاف قيل: وهو أولى من القول بإيصال الفعل بحذف الصلة لأن حذف المضاف إذا لم يلبس منقاس وذاك مسموع، ويجوز أن يكون المراد يثيبهم على طاعتهم فإن الطاعة لكونها طلب ما يترتب عليها من الثواب شابهت الدعاء وشابهت الإثابة عليها الإجابة، ومن هذا يسمى الثناء دعاء لأنه يترتب عليه ما يترتب عليه، وسئل سفيان عن قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث: " أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " فقال: هذا كقوله تعالى في الحديث القدسي: " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين " ألا ترى قول أمية بن الصلت لابن جدعان حين أتاه يبغي نائله: أأذكر حاجتي أم قد كفاني * ثناؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوم * كفاه عن تعرضك الثناء وجعلوا من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الدعاء الحمد لله " على معنى أن الحمد يدل على الدعاء والسؤال بطريق الكناية والتعريض، وقيل: هو على إطلاق الدعاء على الحمد لشبهه به في طلب ما يترتب عليه، وجوز أن يراد بالإجابة معناها الحقيقي والإثابة بناء على القول بصحة الجمع بين الحقيقة والمجاز أي يجيب دعاءهم ويثيبهم على الطاعة * (ويزيدهم) * على ما سألوا واستحقوا * (من فضله) * الواسع جل شأنه، وقيل: إن فاعل * (ويستجيب الذين آمنوا) * واستظهره أبو حيان، والجملة عطف على مجموع قوله تعالى: * (هو الذين يقبل التوبة) * (الشورى: 25) الخ أي ينقادون لله تعالى ويجيبونه سبحانه إذا دعاهم، وهو المروى عن ابن جبير، وعن إبراهيم بن أدهم أنه قيل له: ما لنا ندعوا فلا نجاب؟ فقال: لأنه سبحانه دعاكم فلم تجيبوه ثم قرأ * (والله يدعو إلى دار السلام) * (يونس: 25) * (ويستجيب الذين آمنوا) * (الشورى: 26) وهذا يؤكد هذا الوجه لأنه قدس سره ذكر أن الله تعالى دعاكم بقوله عز وجل: * (والله يدعو إلى دار السلام) * وذكر أن المؤمن من استجاب دعوة ربه تعالى بقوله: * (ويستجيب الذين آمنوا) * فمن لا يجيب دعاءه تعالى لا يجيب تعالى أيضا دعاءه، وكون الفاعل ضميره تعالى قد روى ما يقتضيه عن ابن عباس. ومعاذ بن جبل * (ويزيدهم) * عليه عطف على ما قبله وعلى الوجه الآخر عطف على مقدر أي فيوفيهم أجورهم ويزيدهم عليها على أسلوب * (وقالا الحمد لله الذي فضلنا) * (النمل: 15) وقوله سبحانه: * (من