عباس أنه فسر * (الذين لا يؤمنون بالآخرة) * بأبي جهل بن هشام. والوليد بن عقبة. وصفوان. وأبي بن خلف، وفسر * (الذين من دونه) * باللات والعزى وكأن ذلك تنصيص على بعض أفراد العام. وأخرج ابن المنذر. وغيره عن مجاهد أن الآية حكت ما كان من المشركين يوم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم * (والنجم) * عند باب الكعبة: وهذا أيضا لا ينافي العموم كما لا يخفى، وقد رأينا كثيرا من الناس على نحو هذه الصفة التي وصف الله تعالى بها المشركين يهشون لذكر أموات يستغيثون بهم ويطلبون منهم ويطربون من سماع حكايات كاذبة عنهم توافق هواهم واعتقادهم فيهم ويعظمون من يحكي لهم ذلك وينقبضون من ذكر الله تعالى وحده ونسبة الاستقلال بالتصرف إليه عز وجل وسرد ما يدل على مزيد عظمته وجلاله وينفرون ممن يفعل ذلك كل النفرة وينسبونه إلى ما يكره، وقد قلت يوما لرجل يستغيث في شدة ببعض الأموات وينادي يا فلان أغثني فقلت له: قل يا ألله فقد قال سبحانه: * (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) * فغضب وبلغني أنه قال: فلان منكر على الأولياء، وسمعت عن بعضهم أنه قال: الولي أسرع إجابة من الله عز وجل وهذا من الكفر بمكان نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزيغ والطغيان.
* (قل اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فى ما كانوا فيه يختلفون) *.
* (قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون) * أمر بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى لما قاساه في أمر دعوتهم وناله من شدة شكيمتهم في المكابرة والعناد فإنه تعالى القادر على الأشياء بجملتها والعالم بالأحوال برمتها، والمقصود من الأمر بذلك بيان حالهم ووعيدهم وتسلية حبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم وأن جده وسعيه معلوم مشكور عنده عز وجل وتعليم العباد الالتجاء إلى الله تعالى والدعاء بأسمائه العظمى، ولله تعالى در الربيع بن خيثم فإنه لما سئل عن قتل الحسين رضي الله تعالى عنه تأوه وتلا هذه الآية، فإذا ذكر لك شيء مما جرى بين الصحابة قل: * (اللهم فاطر السموات) * الخ فإنه من الآداب التي ينبغي أن تحفظ، وتقديم المسند إليه في * (أنت تحكم) * للحصر أي أنت تحكم وحدك بين العباد فيما استمر اختلافهم فيه حكما يسلمه كل مكابر معاند ويخضع له كل عات مارد وهو العذاب الدنيوي أو الأخروي، والمقصود من الحكم بين العباد الحكم بينه عليه الصلاة والسلام وبين هؤلاء الكفرة.
* (ولو أن للذين ظلموا ما فى الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) *.
* (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا) * الخ قيل مستأنف مسوق لبيان آثار الحكم الذي استدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وغاية شدته وفظاعته أي لو أن لهم جميع ما في الدنيا من الأموال والذخائر * (ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة) * أي لجعلوا كل ذلك فدية لأنفسهم من العذاب السيء الشديد وقيل الجملة معطوفة على مقدر والتقدير فأنا أحكم بينهم وأعذبهم ولو علموا ذلك ما فعلوا ما فعلوا، والأول أظهر، وليس المراد إثبات الشرطية بل التمثيل لحالهم بحال من يحاول التخلص والفداء مما هو فيه بما ذكر فلا يتقبل منه، وحاصله أن العذاب لازم لهم لا يخلصون منه ولو فرض هذا المحال ففيه من الوعيد والإقناط ما لا يخفى.
وقوله تعالى: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * أي ظهر لهم من فنون العقوبات ما لم يكن في حسابهم زيادة مبالغة في الوعيد، ونظير ذلك في الوعد قوله تعالى: * (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) * (السجدة: 17) والجملة قيل: الظاهر أنها حال من فاعل * (افتدوا) *.
* (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) *.